والفقه وأبدعوا ، فمن هؤلاء : المحقّق نجم الدين جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد الحلّي المتوفّى سنة (٦٧٦ ه) ، وهو تلميذ تلامذة ابن إدريس ، ومؤلِّف الكتاب الفقهي الكبير «شرائع الإسلام» ، الذي أصبح بعد تأليفه محوراً للبحث والتعليق والتدريس في الحوزة بدلاً عن كتاب «النهاية» الذي كان الشيخ الطوسي قد ألّفه قبل المبسوط.
وهذا التحوّل من النهاية إلى الشرائع يرمز إلى تطورٍ كبيرٍ في مستوى العلم ؛ لأنّ كتاب «النهاية» كان كتاباً فقهياً يشتمل على امّهات المسائل الفقهية واصولها ، وأمّا الشرائع فهو كتاب واسع يشتمل على التفريع وتخريج الأحكام وفقاً للمخطّط الذي وضعه الشيخ في المبسوط ، فاحتلال هذا الكتاب المركز الرسمي لكتاب النهاية في الحوزة واتّجاه حركة البحث والتعليق إليه يعني أنّ حركة التفريع والتخريج قد عمَّت واتّسعت حتّى أصبحت الحوزة كلّها تعيشها.
وقد صنَّف المحقّق الحلّي كتباً في الاصول ، منها كتاب «نهج الوصول إلى معرفة الاصول» ، وكتاب «المعارج».
ومن اولئك النوابغ تلميذ المحقّق وابن اخته المعروف بالعلّامة ، وهو الحسن ابن يوسف بن عليّ بن مطهّر المتوفّى سنة (٧٢٦ ه) ، وله كتب عديدة في الاصول ، من قبيل «تهذيب الوصول إلى علم الاصول» و «مبادئ الوصول إلى علم الاصول» وغيرهما.
وقد ظلّ النموّ العلمي في مجالات البحث الاصولي إلى آخر القرن العاشر ، وكان الممثّل الأساسي له في أواخر هذا القرن الحسن بن زين الدين المتوفّى سنة (١٠١١ ه) ، وله كتاب في الاصول باسم «المعالم» مثَّل فيه المستوى العالي لعلم الاصول في عصره بتعبيرٍ سهلٍ وتنظيمٍ جديد ، الأمر الذي جعل لهذا الكتاب شأناً كبيراً في عالم البحوث الاصولية ، حتى أصبح كتاباً دراسياً في هذا العلم ،