في وقتٍ واحد.
ونحن نعتقد أنّ العملية التي لها وصفان وعنوانان يمكن أن يتعلّق الوجوب بأحدهما والحرمة بالآخر ، ولا تمنع عن ذلك وحدة العملية وجوداً ، ولكنّ هذا لا ينطبق على كلّ وصف ، بل إنّما تتّسع العملية الواحدة للوجوب والحرمة معاً إذا كان لها وصفان وعنوانان يتوفّر فيهما شرائط خاصّة لا مجال لتفصيلها الآن.
إنّ صحّة العقد معناها : أن يترتّب عليه أثره الذي اتّفق عليه المتعاقدان ، ففي عقد البيع يعتبر البيع صحيحاً ونافذاً إذا ترتّب عليه نقل ملكية السلعة من البائع الى المشتري ونقل ملكية الثمن من المشتري الى البائع ، ويعتبر فاسداً وباطلاً إذا لم يترتّب عليه ذلك.
وبديهيّ أنّ العقد لا يمكن أن يكون صحيحاً وفاسداً في وقتٍ واحد ، فإنّ الصحة والفساد متضادّان كالتضادّ بين الوجوب والحرمة ، فكما لا يمكن أن يكون الفعل الواحد واجباً وحراماً كذلك لا يمكن أن يكون العقد الواحد صحيحاً وفاسداً.
والسؤال هو : هل يمكن أن يكون العقد صحيحاً وحراماً؟
ونجيب على ذلك بالإيجاب ، إذ لا تضادّ بين الصحة والحرمة ، ولا تلازم بين الحرمة والفساد ؛ لأنّ معنى تحريم العقد منع المكلّف من إيجاد البيع ، ومعنى صحته أنّ المكلَّف إذا خالف هذا المنع والتحريم وباع ترتّب الأثر على بيعه وانتقلت الملكية من البائع الى المشتري ، ولا تنافي بين أن يكون إيجاد المكلَّف للبيع وممارسته له مبغوضاً للشارع وممنوعاً عنه وأن يترتّب عليه الأثر في حالة صدوره من المكلّف ، فلا تلازم إذن بين حرمة العقد وفساده ، ولا تضادّ بين حرمته