وعلة أخرى وهو
أن المبني الذي لا يكون متمكنا بحال لما كان لا يوجد إلا ثقيلا أعطوه أخف ما يقع
في النطق وهو السكون ، ولما كان المتمكن الذي يبنى في حال قد يوجد خفيفا ويقع
المواقع التي لا يستثقل فيها لم يستثقلوها حين بنائه إذ كانت حالا عارضة ، وليس
العارض كالراتب الذي لا يزول ، وسنبين الأسماء التي حكمها البناء على حركة.
قال
سيبويه : " فالمضارع من عل حركوه لأنهم يقولون من عل".
قال أبو سعيد :
اعلم أن" عل" إذا قلت : " جئته من عل" معناه من فوق ، قال
الفرزدق :
ولقد سددت
عليك كلّ ثنيّة
|
|
وأتيت فوق
بني كليب من عل
|
وفيه لغات :
يقال جئتك من عل يا هذا ، ومن عل ، ومن علو ، ومن علو ، ومن علو ، قال الشاعر :
إني أتتني
لسان لا أسرّ بها
|
|
من علو لا
عجب منها ولا سخر
|
ومن علا ، قال
الراجز :
فهي تنوش
الحوض نوشا من علا
|
|
نوشا به تقطع
أجواز الفلا
|
وجئتك من عال
ومن عال كما قال :
قباء من تحت وريّا من عال
ويروى : تظمأ
من تحت وتروى من عال. ومعنى هذه الألفاظ كلها واحد وهي فوق.
وفوق لا بد أن
يكون مضافا إلى شيء : إما ظاهر ، وإما باطن مقدر ، وكذلك الألفاظ التي في معناها ،
فوجب أن تكون عل وعل وما ذكرنا بعدهما في تقدير الإضافة ، فإذا حذفت المضاف إليه
لم يخل من أن يكون معرفة أو نكرة ، فإن كان المحذوف نكرة
__________________