التي تدخل عليها النون في التثنية ، نحو : تا ، والذي وغير ذلك.
فإن قال قائل :
ولم إذا حذف حرف لالتقاء الساكنين وجب أن يعوض منه؟
قيل له : من
قبل أن التثنية لا يسقط بها شيء من آخر الاسم لالتقاء الساكنين إلا المبهم ، فلما
خالف المبهم الصحيح ، فمنع ما يكون في نظيره من جهة التثنية ، ونقص منه حرف لا
ينقص من غيره من المثنى عوض من ذلك.
والوجه الثاني
: أنا رأينا التثنية لا تختلف طريقتها ولا تكون إلا على منهاج واحد لأنه يرد فيها
صيغة المفرد وتزاد عليه علامة التثنية فقط ، فلما كانت التثنية على ما وصفنا استوى
المبهم وغيره في التثنية لاستواء طريقة التثنية واتفاق منهاجها فأعرب جميعها ، وقد
شدد بعضهم النون في تثنية المبهمات ، فقالوا : هذان واللذان (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ).
فأما هذان
واللذان. ففيه وجهان : أحدهما أن هذه النون جعلت عوضا من المحذوف الذي ذكرنا ، في
الوجه الأول فصار بمنزلة الميم المشددة في آخر اللهم عوضا من (يا) ويحتمل أن يكون
في هذا الوجه شددت النون ، ليفرقوا بين النون التي هي عوض من حرف محذوف والنون
التي تدخل عوضا من الحركة والتنوين ، فجعلت للمعوضة من الحرف مزية فشددت ؛ لأن
الحرف أقوى من الحركة والتنوين. والوجه الثاني أنه شددت النون للفرق بين المبهم
وغيره ليدلوا بتشديد النون على أنه على غير منهاج المثنى الذي ليس بمبهم ، ولأنه
لا تصح فيه الإضافة ، وغيره من المثنى يصح أن يضاف فتسقط نونه وكان ما لا يسقط
بحال أقوى مما يسقط تارة ويثبت أخرى فشددت لذلك.
وأما ذانك ففيه
الوجهان اللذان في" هذان واللذان" ، وفيه وجه آخر ، قالوا أبو العباس :
الذي يقول في الواحد ذلك فيدخل اللام للزيادة في البعد ، يقول في التثنية : ذانك
مشدد النون والذي يقول ذاك في الواحد يقول في التثنية ذانك بالتخفيف.
فإن قال قائل :
كيف صار تثنية ذلك ذانك؟ فإن في ذلك وجهين :
أحدهما : أنا
ثنينا ذا فصار ذان ، ثم أدخلنا اللام بعد النون للمعنى الذي أردنا من زيادة البعد
فصار ذانلك ، فاجتمع حرفان اللام والنون وكل واحد منهما يجوز إدغامه في
__________________