وكان الوجه أن يقول : مولى موال ويلغي الياء لسكونها وسكون التنوين ، فلمّا اضطرّ إلى تحريكها لم يصرف لتمام حركات البناء المانع من الصرف.
وقال آخر :
قد عجبت مني ومن يعيليا |
|
لما رأتني خلقا مقلوليا |
أراد : " من يعيل" والكلام فيه كالكلام في الذي قبله ؛ لأن" يعيلى" لا ينصرف مثاله من الصحيح لأنه يفيعل ، وهو تصغير" يعلي".
وربما حملهم على هذا الفرار من الزّحاف في الشعر ، وإن كان البيت يتقوم في الإنشاد على ما ينبغي أن يكون عليه الكلام ؛ فمن ذلك قول المنتخل :
أبيت على معارى فاخرات |
|
بهن ملوّب كدم العباط (١) |
ولو أنشد : على معار ، لكان مستقيما غير أنه يصير مزاحفا ؛ لأن الجزء على" مفاعلتن" من الوافر ، فيسكن خامسه ويصير على" مفاعيلن". ويسمى هذا الزحاف : العصب. وذكر المازني أنه سمع أعرابيّا ينشد : أبيت على معار فاخرات ، واحتمل قبح الزحاف لاستواء الإعراب.
وقال آخر :
ما إن رأيت ولا أرى في مدّتي |
|
كجواري يلعبن في الصّحراء (٢) |
فجمع بين ضرورتين ، إحداهما : أنه كسر الياء في حال الجرّ ، والثانية : أنه صرف ما لا ينصرف ، وقد ينشد هذا البيت بالهمز : كجواري ، وأنا مبين ذلك في باب البدل من ضرورة الشاعر إن شاء الله تعالى.
... |
|
سماء الإله فوق سبع سمائيا (٣) |
فأتى بثلاثة أوجه من الضرورة ، منها :
أن" سماء" ونحوها يجمع على" سمايا" كما تجمع" مطيّة" على" مطايا" و" خطيّة" على" خطايا" فجمعه على" سمائي" كما تجمع" سحابة" على" سحائب" وإنما يجمع هذا
__________________
(١) البيت في ديوان الهذليين ص ١٢٦٨ ، واللسان (عبط).
(٢) البيت في شرح ابن يعيش ١٠ / ١٠١ ، والخزانة ٥٢٦.
(٣) الخزانة ١ / ١١٩ ، اللسان (سما).