وهو قولك : " كم يفعلوا" و" لن يفعلوا". وكذلك إذا ألحقت التأنيث في المخاطبة ، إلا أن الأولى ياء مكسور ما قبلها وتفتح النون ؛ لأن الزيادة التي قبلها بمنزلة الزيادة التي في جمع الأسماء في الجرّ والنصب ، وذلك قولك : " أنت تفعلين" و" لن تفعلي" و" لم تفعلي".
وقد مر تفسير ذلك كله.
وقال سيبويه : فإن أردت جمع المؤنث في الفعل المضارع ، ألحقته للعلامة نونا ، وكانت علامة الإضمار والجمع ، فيمن قال : " أكلوني البراغيث".
قال أبو سعيد : يعني أن جمع المؤنث بالنون ، كما أن جمع المذكر بالواو ، وتكون النون لضمير جماعة المؤنث في حال ، وفي حال تكون علامة الجمع فيمن يقدم العلامة ، وهم الذين يقولون : " أكلوني البراغيث".
قال : وأسكنت ما كان في الواحد حرف الإعراب ، كما فعلت ذلك في" فعل" حين قلت : " فعلت" و" فعلن".
قال أبو سعيد : اعلم أن ضمير المتكلم والمخاطب وجماعة النساء ، إذا اتصل بالفعل الماضي ، سكن آخر الفعل ؛ كقولك : " جلست" و" جلسن" ، وإنما سكن آخر الفعل من قبل أن هذا الضمير متحرك ؛ لأنه نائب عن معرب وهو اسم ، فإذا انضم إلى الفعل ، والفعل لا بدّ له منه ، ولا يصّح معناه إلا به ، ولا يجوز انفراده عنه إذا كان متصلا ـ صار الفعل والضمير كالشيء الواحد ، واجتمع أربع متحركات ، وذلك غير موجود في شيء من كلامهم وأشعارهم ، إلا بحذف ، فلم يكن سبيل إلى تسكين الحرف الأول ؛ لأنه لا يبدأ بساكن ، ولا إلى تسكين الحرف الثاني ؛ لأنه بحركاته توجد الأبنية المختلفة ؛ كقولك : فعل وفعل وفعل فلزم الحرف الثالث التسكين.
وكان أولى به لعلتين ، إحداهما : أن الحرف الثالث قد يوقف عليه بالسكون. والعلة الأخرى : أنا لو لم نسكن الحرف الثالث ، وجب تسكين الرابع ، والرابع نائب معرب يستحق الحركة من أجل ذلك ، فكان تسكينه أولى ، ومع ذلك كان يلتبس المتكلم بالمؤنث الغائبة ، إذا قلت : " جلست" قال : " وأسكن هذا هاهنا ، وبني على هذه العلامة ، كما أسكن" فعل" ؛ لأنه فعل كما أنه فعل ، وهو متحرك كما أنه متحرك".
قال أبو سعيد : قوله : " فأسكن هذا" ، يعني : أسكن لام الفعل من" يفعلن". وهو الذي قال في أول هذه الفصل : " فإذا أردت جمع المؤنث في الفعل المضارع ألحقته