به أبي هذا الفعل ؟
فقالوا لي : هذا علويّ يقال له : الحسن بن علي بن محمّد بن الرضا.
فازددت تعجبّاً من أبي ، ولم أزل يومي ذلك قلقاً متفكّراً في أمره وأمر أبي وما رأيته منه ، حتّى إذا كان الليل وكانت عادة أبي إذا صلّى العتمة يجلس وينظر ما يحتاج إليه من المؤامرات وما يرفعه إلى السلطان ، فلمّا صلّى وجلس جئت فجلست بين يديه وليس عنده أحد ، فقال لي : يا أحمد ، ألك حاجة ؟
قلت : نعم يا أبت ، فإن أذنت لي سألتك عنها.
قال : قد أذنت لك ، قل.
قلت : يا أبت ، مَن الرجل الّذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة والتبجيل ، وفديته بنفسك وأبويك ؟
فقال : يا بُنيّ ، ذاك إمام الرافضة الحسن بن علي المعروف بابن الرضا.
ثمّ سكت ساعة [ وأنا ساكت ] وقال : يا بُنّي ، لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقّها أحد من بني هاشم غيره ، لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وحسن أخلاقه وصلاحه وتقواه ، ولو رأيت يا بُني أباه فإنه كان رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً.
فازددت قلقاً وغيظاً [ وتفكّراً ] على أبي ممّا سمعته منه ورأيته من فعله. فلم يكن لي همّة بعد ذلك إلاّ السؤال عن خبره والبحث عن أمره ، فما سألت أحداً من بني هاشم أو القوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر النّاس إلاّ وجدته عنده في غاية الإجلال والإعظام والمحلّ الرفيع والقول الجميل والتقديم على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليّاً ولا عدوّاً إلاّ وهو عنده حسن القول والفعل.
فقال له بعض من حضر مجلسه [ من الأشعرييّن ] : ما تقول في أخيه جعفر ، وكيف كان منه في المحلّ ؟
فقال : اسكت ، ومَن جعفر حتّى تسألني عن خبره أو تقرنه إلى أبي محمّد ،