فقال (١) : ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلا من العلويّة مثل الحسن بن علي بن محمّد بن علي الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكبره عند أهل بيته وبني هاشم كافّة وتقديمهم إيّاه على ذوي السنّ منهم والخطر ، وكذلك كانت حالته عند القوّاد والوزراء وعامة النّاس ، فأذكر أنّي كنت يوماً قائماً على رأس أبي وهو يحاسب النّاس فدخل بعض حجّابه فقال : أبو محمّد ابن الرضا بالباب. فنادى أبي بصوت عالي : ائذنوا له.
فتعجّبت منه ومن جرأة الحجاب كيف يكنّون رجلاً بحضرة أبي ، وكان لا يكنّى بحضرته أحدٌ من الناس سوى الخليفة أو وليّ عهده [ أو من أمر السلطان أن يكنّى عنده ] ، فبينما نحن كذلك إذ دخل رجل أسيم حسن القامة جميل الوجه جيّد البدن حدث السنّ له جلالة وهيبة حسنة ، فلمّا نظر إليه أبي قام قائماً على قدميه واستقبله خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقوّاد قبل هذا ، فلمّا دنى منه عانقه وقبّل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلاّه الّذي كان يجلس عليه مقبلاً إليه بوجهه يكلّمه ويفديه بنفسه ، وأنا متعجّب ممّا أرى منه.
فبينما أنا كذلك إذ دخل الحاجب فقال : الموفّق قد جاء ، وكان الموفّق إذا دخل على أبي يقدمه حجّابه وخاصّته ، فقاموا بين مجلس أبي وباب الدار سماطين إلى أن دخل ، فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمّد الحسن يحدّثه حتّى إذا نظر إلى غلمان الخاصة قد دخلوا ، فقال له أبي : إذا شئت انصرف ، جعلني الله فداك. فقام عليهالسلام وقام أبي وعانقه ، ثمّ قال لحجّابه : خذوا به خلف السماطين لئلاّ يراه هذا الداخل. فمضى الحسن عليهالسلام.
فقلت لحجّاب أبي وغلمانه : ويلكم ، من هذا الّذي كنّيتموه بحضرة أبي ، وفعل
__________________
(١) في المصدر : « كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج بقم ، فجرى يوماً في مجلسه ذكر العلويّة ومذاهبهم ، وكان شديد النصب والإنحراف عن أهل البيت عليهمالسلام ، فقال ».