ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ثلاث وخمسين مئة (١).
وكان عليهالسلام بشراً ملكياً ، وجسداً سماوياً ، وامرءاً إلهياً ، وروحاً قدسياً ، ومقاماً جليّا ، وسرّاً خفياً (٢) ، حارت فيه الأفكار والعقول ، وتاهت أوهام العلماء الفحول ، وكلّت الشعراء ، وخرست البلغاء ، ولكنت الخطباء ، وتواضعت الأرض والسماء عن وصف ولي الأولياء ، وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك شأن من هو نقطة خطّة الكائنات ، وقطب الدائرات ، وسرّ الممكنات ، وشعاع جلال الكبرياء ، وشرف الأرض والسماء ، والنور الأوّل ، والكلمة العليا ، والسمة البيضاء ، والوحدانية الكبرى ، الّتي أعرض عنها من أدبر وتولّى ، حجاب الله الأعظم الأعلى.
فهو الذروة من قريش ، والشرف من هاشم ، والبقيّة من إبراهيم ، والبضعة من نبيّنا الكريم ، والنفس من الوصي الحليم.
وهو شرف الأشراف ، والصفوة من عبد مناف ، ملكيّ الذات ، إلهي الصفات ، زائد الحسنات ، عالم بالمغيبات ، معدن التنزيل ومنتهى التأويل ، وخاصة الربّ الجليل ، ومهبط الأمين جبرئيل ، السبيل إلى الله والسلسبيل ، والقسطاس المستقيم ، والمنهاج القديم ، والذكر الحكيم ، والوجه الكريم ، والنور القويم ، ربّ الشرق والتقديم والتفضيل والتعظيم ، خليفة النبيّ الكريم ، وأمين العليّ الرحيم.
روي في كتاب كشف الغمّة عن الغفاري قال : كان لرجل من آل رافع [ مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله ] علَيّ دين فقاضاني وألحّ علَيّ ، فلما رأيت ذلك صلّيت الصبح في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ توجّهت إلى الرضا عليهالسلام فسلّمت عليه ، وكان في شهر رمضان ، فقلت له : إنّ لفلان علَيّ حقّاً وقد والله شهرني. وأنا أظنّ في نفسي أنّه عليهالسلام يأمره بالكفّ عنّي ، فوالله ما قلت له كَم علَيّ ، ولا سمّيت له شيئاً ، فأمرني
__________________
(١) ورواه الطبرسي في إعلام الورى : ص ٣٠٢ ، والإربلي في كشف الغمّة : ٣ : ٤٩.
(٢) هذا هو الصحيح ، وفي النسخة : « وكان عليهالسلام بشراً ملكي ... سماوي ... خفي ».