وروى عن عبد الله بن سنان أنّه قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن عظم حوض النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال لي : « يا ابن سنان ، حوض ما بين بُصرى إلى صنعاء ، أتحبّ أن تراه يا ابن سنان » ؟
قلت : نعم فداك أبي وأمي.
قال : فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظاهر المدينة ، ثمّ ضرب رجله على الأرض ، فانشقّت وظهر نهر يجري لا تدرك حافتاه إلا أنّه شبيه بالجزيرة ، فكنت أنا وهو واقفين ، فنظرت إلى نهر آخر بجانبنا يجري كأنّه الثلج ومن جانبنا الآخر نهر من لبن أبيض من الثلج ، وفي وسطه نهر من خمر أحسن من الياقوت نوراً ، فما رأيت أبهج للنظر من ذلك الخمر بين اللبن والماء ، فقلت له : جعلت فداك ، من أين يخرج هذا ، ومن أين يجري ذاك ؟
فقال عليهالسلام : « هذه العيون الّتي ذكرها الله تعالى في كتابه بقوله تعالى ، عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر (١) ، وكلّها تجري في هذا النهر ».
ورأيت على حافة النهر شجراً فيهنّ الحور معلّقات برؤوسهنّ ما رأيت أحسن منهنّ وجهاً ، وبأيديهنّ أواني ليست بمثل أواني الدنيا ، فدنا عليهالسلام من إحداهنّ وأومأ بيده فنظرت إلى تلك الحورية فمالت من الشجرة إلى النهر فغرفت في تلك الآنية وناولته فشرب ، ثمّ ناولها وأومأ إليها بيده فمالت لتغرف ثانية فمالت تلك الشجرة معها ، ثمّ غرفت وناولته فناولنيه فشربت ، فما رأيت شراباً مثله كان
__________________
المربوبين ، وحسبي الخالق من المخلوقين ، وحسبي الرازق من المرزوقين ، وحسبي الله ربّ العالمين ، حسبي من هو حسبي ، حسبي من لم يزل حسبي ، حسبي الله لا إله إلاّ هو ، عليه توكّلت وهو ربّ العرش العظيم ».
ورواه عنه في البحار : ٤٧ : ١٦٢ ح ٢ باب ما جرى بينه وبين المنصور وولاته.
(١) في الآية ١٥ من سورة محمّد : ٤٧ : ( مَّثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ).
وفي رواية الإختصاص كما سيأتي : هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنّة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر ، يجري في هذا النهر.