خبزاً (١) ، فقلت له : جعلت فداك ، ( دعني ) (٢) أحمله عنك.
فقال : « لا ، أنا أولى منك بحمله (٣) ، ولكن امض معي ».
فانطلقت معه وأتينا (٤) ظلّة بني ساعدة ، وإذا بأناس نيام (٥) ، فجعل يدسّ الرغيف والرغيفين تحت ثوب كلّ واحد منهم حتّى أتى على آخرهم وانصرفنا ، فقلت له : جعلت فداك ، هل يعرف هؤلاء الحقّ ؟ (٦)
فقال : « لو عرفوا ( الحقّ ) (٧) لواسيناهم بالدقّة والملح » ! (٨)
فوا لهف نفسي على الإمام ، وربيع الأرامل والأيتام ، والمطعم لوجه الله الطعام ، وفاروق الحلال والحرام ، الصادق في الفعل والكلام ، والمنزّه عن الخطايا واللآثام ، وعماد الدين والقوام ، والعروة الوثقى التي ليس لها انفصام ، ولله درّ من قال من الأنام :
أبني المفاخر والّذين علا |
|
لهم على هام السهى القدر |
__________________
(١) في المصدر : « ما وجدت ».
(٢) ليس في المصدر.
(٣) في المصدر : « أولى به منك ».
(٤) في المصدر : « ... امض معي. قال : فأتينا ».
(٥) في المصدر : « فإذا نحن بقوم نيام ».
(٦) في المصدر : « ثمّ انصرفنا ، قلت : جعلت فداك ، يعرف هؤلاء الحقّ ».
(٧) ليس في المصدر.
(٨) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ص ١٤٤ وجميع ما بين المعقوفات منه ، وفيه : « بالدقة » ـ والدقّة هي الملح ـ إنّ الله لم يخلق شيئاً إلاّ وله خازن يخزنه إلاّ الصدقة فإنّ الربّ تبارك وتعالى يليهما بنفسه ، وكان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السائل ثم ارتدّه منه وقبّله وشمّه ثمّ ردّه في يد السائل ، وذلك إنّها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ، فأحببت أن أناول ما ولاها الله تعالى ، إنّ صدقة الليل تطفئ غضب الربّ وتمحق الذنب العظيم وتهوّن الحساب ، وصدقة النهار تثمر المال وتزيد في العمر ، إنّ عيسى بن مريم عليهماالسلام لمّا مرّ على البحر ألقى بقرص من قوته في الماء ، فقال له بعض الحواريين : يا روح الله وكلمته ، لِمَ فعلتَ هذا ؟ هو من قوتك ؟ قال : فعلت هذا لتأكله دابّة من دوابّ الماء وثوابه عند الله العظيم ».