ويك ، أتدّعي المحبة وتسلك غير طريق المحبوب ؟ وتزيّن قامتك بخلع الرغبة وأنت بعيد عن المطلوب ، جاف جنبك عن فراش الهناء إن كنت طامعاً في اللقاء ، وأنزح بقلبك عن مواطن القلى إن رمت الوصال في الحمى ، أترى المحبوب زائرك وأنت مرقوب ؟ وتتمنّى الإستراحة بقربه وقلبك بهوى غيره متعوب ؟ ألم يرفع لك أعلام الهداية الواضحة ، ويوقفك على نجوم الدراية اللائحة ؟ فما حجتك في التواني ؟ وما وسائلك في ترك القرب والتداني ؟ ألم يبلّغك على لسان النبي الأوّاه : ( قُلْ [ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَ ] اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (١) ؟ ألم يعرّفك شأن العشّاق بلا اشتباه بقوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ ) (٢) ؟
فدونك الرفيق فقد أمن الطريق ، وقد وقفت على التحقيق ، فإيّاك والتعويق ، الطريق محمّد وآله ، ومتابعة دين الحقّ ورجاله ، فهم سرّ الله المخزون ، وأولياؤه المقربّون ، وهم الكاف والنون ، إلى الله يدعون ، وعنه يقولون ، وبأمره يعملون ، وفي ذلك سرّ مصون ، ومن أنكر ذلك فهو شقيّ ملعون ، فكلّما في الذكر الحكيم ، والكلام القديم ، من آية تذكر فيها العين والوجه واليد والجنب والحقّ والصراط ، فهم هم ، لأنّ ظاهرهم باطن الصفات ، وهم السرّ المستودع في الكلمات ، أما سمعت قول النبي الهادي صلىاللهعليهوآله : « إنّ لله أعيناً وأيادي ».
فهم الجنب العليّ ، والوجه الرضي ، والمثل الرويّ ، والصراط السويّ ، والوسيلة إلى الله ، والوصلة إلى عفوه ورضاه ، فهم عين الأحد ، فلا يقاس بهم من الخلق أحد ، وهم خاصة الله وخالصته ، وسرّ الديان وكلمته.
__________________
البداية والنهاية : ١١ : ١٢٥ ، الجامع الصغير للسيوطي : ٢ : ٢٦٣ /٨٨٥٣ ، سبل الرشاد والهدى للصالحي الشامي : ١٢ : ٩٣ باب ٣٩ ، فيض القدير : ٦ : ٢٣٢ / ٨٨٥٢ ، شرح النهج لابن أبي الحديد : ٢٠ : ٢٣٣.
(١) سورة آل عمران : ٣ : ٣١.
(٢) سورة البقرة : ٢ : ١٦٥.