فيها بعد ما كانت الحروف المقطّعة القرآنية من الرموز ، فيجوز أن يكون كلّ حرف منها رمزا للعلوم الكثيرة ، ومفتاحا لأبواب من المعارف والامور الغيبية ، وهذا نحو قوله عليهالسلام : علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم ، فانفتح لي من كلّ باب ألف باب (١).
التاسع : تضمّنه أنّ اليهود كانوا يخبرون بظهور محمد صلىاللهعليهوآله يسلّط على العرب كتسلّط بخت نصّر على بني إسرائيل ، وأنّه كاذب ، مع أنّه خلاف القرآن ، فإنّه تضمّن أنّهم يوعدون أعداءهم به صلىاللهعليهوآله ، وأنّه إذا ظهر ينتقم لهم منهم ، قال الله تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) ، وورد : أنّ الأنصار بادروا بالإسلام لمّا سمعوا من اليهود فيه ، فقالوا : هذا النبي الذي كانت اليهود يخبروننا به.
أقول : هذا أيضا عجيب ، فإنّ ما يدلّ عليه حديث سعد : أنّ اليهود كانوا يقولون كذا وكذا عنه صلىاللهعليهوآله ، وكانوا يكذّبونه ، وتكذيبهم إيّاه قد ورد في القرآن المجيد لا مرية فيه ، ومن جملة ما يدلّ على إنكارهم وردّهم رسالته هذه الآية : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ ...) (٢) فأيّ منافاة بين كونهم مخبرين برسالته قبل دعوته وبعثته أو قبل ولادته ، وبين إنكارهم حسدا وعنادا للحقّ؟ والأنصار أيضا آمنوا بالحقّ لمّا سمعوا من اليهود قبل ذلك من البشارة بالنبي صلىاللهعليهوآله في التوراة مع أنّهم بعد ذلك لم يؤمنوا به وأنكروه ، إلّا القليل منهم كعبد الله بن سلام وغيره.
__________________
(١) راجع البحار : باب علمه عليهالسلام وأنّ النبي صلىاللهعليهوآله علّمه ألف باب ج ٤٠ ص ١٢٧.
(٢) البقرة : ٨٩.