أنّ هذا الاحتمال
لو بنينا على الرواية ولم نترك جميعها لضعفها مردود ، وكأنّه مخالف لإجماع
المفسّرين ، أو أقوال من يعتدّ به منهم ، ولو كان الاستثناء من حرمة الخروج
فالمراد بها نفس الخروج دون سائر المصاديق ، فالمعنى : لا يخرجن إلّا تعدّيا
وحراما. قال ابن همام : كما يقال : لا تزن إلّا أن تكون فاسقا ، ولا تشتم امّك إلّا
أن تكون قاطع رحم ، ونحو ذلك ، وهو بديع وبليغ جدّا .
هذا ما يحتمل
بالنظر إلى ألفاظ الآية ، وقد عرفت أنّ الأشهر بين المفسّرين كون الاستثناء راجعا
إلى قوله تعالى : و (لا تُخْرِجُوهُنَ).
وأمّا بحسب
الروايات ، ففي بعضها : فسّرت «الفاحشة» بأذاها أهل زوجها وسوء خلقها ، وفي بعضها : فسّرت بالزنا فتخرج فيقام عليها الحدّ ، وفي رواية سعد بن عبد الله فسّرت بالسحق. ومع الغضّ عمّا
قيل في هذه الروايات سندا ، وعدم ترجيح بعضها على بعض من حيث السند ، لا يخفى عليك
عدم دلالة غير رواية سعد على حصر المراد من الفاحشة المبيّنة بما فسّرت به ، بل
يستفاد منها أنّ المذكور فيها : إمّا من مصاديقها الظاهرة كالزنا ، أو من أدنى
مصاديقها ، وعلى هذا لا تعارض بين هذه الروايات ورواية سعد من حيث تفسيرها «الفاحشة
المبيّنة» بالسحق.
نعم ، حيث دلّت
رواية سعد بن عبد الله على نفي كون المراد بها الزنا ، يقع التعارض بينها وبين ما
دلّ على كون الزنا أحد مصاديقها إن لم
__________________