على الروايات بالوضع ، وعلى الرجال بالغلوّ ، والنجاشي وهو الذي يصفه الناقد نفسه بأنّه أوثق علماء الرجال اعتمد على هذا الخبر وقال : لقي مولانا أبا محمّد عليهالسلام ، واستدراكه بعد ذلك بقوله : ورأيت بعض أصحابنا ... لعلّه كان لإظهار التعجّب ممّا رأى من هذا البعض.
وأين هذا الذي لا يعرف حاله من الصدوق الذي يصفه النجاشي ـ الذي هو أوثق علماء الرجال ـ بأنّه : كان جليلا ، حافظا للأحاديث ، بصيرا بالرجال ، ناقدا للأخبار ، لم ير في القميّين مثله في حفظه وكثرة علمه ، له نحو من ثلاثمائة مصنّف (١) ، ونحوه ما في الفهرست (٢) والخلاصة (٣). ثمّ كيف يكون هو أدقّ نظرا وأعرف بحال شيوخ الصدوق منه مع تأخّر طبقته عنه؟!
وأمّا ما في «فهرست» (٤) الشيخ ـ رضوان الله عليه ـ فهو يدلّ بالصراحة على قدحه ، وعدم وقوع كتابيه موردا للقبول ، فلم ينسخهما احد من أصحابنا ، وأنّه اخترم وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه. وهذا الكلام صريح في أنّ كتبه لم تقع عند الطائفة وشيوخهم موردا للقبول ، وأعرضوا عنها ، حتّى عدّت من الكتب التي يجب إهلاكها ، ولا يجوز نسخها ، ولذا عمد بعض ورثته إهلاكها. وعلى كلّ نسأل الله تعالى له المغفرة.
ولا نخفي العجب من الناقد الذي يكتب عن الأحاديث وما فيها
__________________
(١) رجال النجاشي : ص ٣٨٩ رقم ١٠٤٩.
(٢) الفهرست : ص ٣٠٤.
(٣) خلاصة العلامة : ص ١٤٧.
(٤) الفهرست : ص ٢٤.