وهذا الحديثُ المتواترُ ـ المعلومُ صدورُه من لسان الوحي والإِلْهام ـ يدلُّ على أُمورٍ عظام :
الأوّل : يدلُّ على نبوّة قائله ، عليه وآله أفضلُ الصلاة والسلام ، لأنّه لا يُعقلُ لعاقلٍ أنْ يُصِرَّ ويكرِّرَ بأمرٍ استقباليٍّ ، مع ظهور موانع كثيرة ، وعلمه بها ، وإخباره عنها ، سيّما مَنْ يدّعي بقاءَ نبوّته إلى يوم القيامة ، وأنّه نبيُّ آخِر الزمان ، وخاتم النُبوّات ثمّ يُخبر ـ جزماً ـ ببقاء كتابه وآله إلى يوم القيام ، وأنّهما على الحقّ والصواب .
وأعظمُ من هذا الإِخبار ـ ظهوراً ـ وقوعُ ذلك في الخارج ، ومشاهدتُه عياناً ، إلى ألف سنة وزيادة ، مع كثرة القتل والحبس والتشريد والخوف والفقر فيهم .
فهذا الإِخبار ، وهذا البقاء ، لَهُما من أعظم المعاجز !
الثاني : يدلُّ على عصمة الكتابِ ، والعترةِ الأطيابِ ، وأنّهما مُلازمان للحقّ والصواب ، ومعصومان عن الخطأ والضلال .
وإلّا ، لم يكن التمسّكُ بهما حافظاً عن الضلال إلى يوم القيام .
وهذا دليلٌ آخر على خلافة العترة ؛ حيثُ اتّفق العقلُ ونصُّ النقل على اشتراط العِصْمة في الخليفة والإِمام ، وحيثُ إنّهُ لا معصومَ في الْأُمّة ـ سوى العترةِ ـ باتّفاق الْأُمّة ، وَجَبَ عصمةُ العترة وخلافتُهم ، بحكم العقل والنقل .
الثالث : يدلُّ على دوام العترةِ ، وخلافتِهم إلى يوم القيام ، لوجوهٍ :
الأوّل : أنّه خطاب إلى جميع الْأُمّة إلى يوم القيامة ، لأنّه صلّی الله عليه وآله نبيُّ الجميع ، فيجبُ عليه نصبُ الخليفة للجميع ، ولا وجهَ لتخصيص بعضٍ دون بعضٍ .
الثاني : أنّ العترةَ عِدْلُ القرآنِ ، وزميلُهُ القرآنُ باقٍ إلى يوم القيامة ، فكذا عِدْلُه وزميلُه .
الثالثُ : التأبيدُ المستفاد من لفظة : ( لَنْ ) فإنّ بقاءَ النفي وتأبيدَه بالنسبة إلى الأحياء جيلاً بعد جيلٍ ، وقبيلاً بعدَ قبيلٍ ؟ وإلّا ، فَمَنْ ماتَ لا يُعْقلُ له ضلالةً في المستقبل حتّى تُنفى بلفظة : ( لَنْ ) .
الرابع
: قولُه : « لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوضَ » فيه تأكيداتٌ على دوام