بدليل : أنّ الصانعَ خلقَ العالَمَ لِغرضٍ صحيحٍ ، ولا يحصلُ إلّا بالتشريع ، وجعلَ قانونَ عَدْلٍ بينَ الناس ، الّذين منهم يحصل الصحيح والسقيمُ ، وهم مرجعُ الخير ، والشرّ ، والفساد ، والهلاك .
وبالضرورة ؛ إنّ الناسَ يحتاجون إلى المعاشرة والاجتماع ، وذلك مَثارُ الظلمِ ، والمغالبةِ ، والمدافعةِ .
فلا بُدّ لهم من رئيسٍ يمنعهم عن المظالم ، ويجلبهم إلى المصالح ، ويُجريهم على ذلك القانون .
وبالضرورة ؛ يجب أنْ يكونَ ذلك القانونُ ، وذلك الرئيسُ : عن الواجب الحكيم ، لأنّ إيكاله إلى المكلَّفين يوجبُ أعظمَ مفسدةٍ .
فقد ثبت : أنّه يجبُ أنْ يكونَ للمكلَّفين ـ من مبدأ الخلق إلى المنتهى ـ قانونُ عدلٍ ، وهو : الشريعة ، ورئيسٌ عادلٌ ، وهو : النبيّ .
وحيث إنّا ـ في هذا الزمان ـ لا نرى أثراً صحيحاً ، ولا قانوناً صالحاً ، إلّا لنبوّة خاتم الأنبياء محمّدٍ صلّی الله عليه وآله ؛ علمنا ـ بالضرورة ـ أنّه النبيُّ ، وشريعته هو الدين الصحيح .
فإنّ مَن سبقه ممّن ادّعى النبوّة لم يبق له دليلٌ ، ولا شريعةٌ صالحةٌ ، فإنَّ الكتب المنسوبةَ إليهم مشحونةٌ بالأباطيل ، وخلافِ ضرورة العقل ؛ كالتثليثِ ، والشركِ ، وإسْناد القبائح إلى الأنبياء ، والمناقضات : كالاعتقاد بالتوحيد والتثليث ، وتحليل شُرب الخمر ، ونكاح البنت ، والتجسّم ، والجهل للبارئ ـ تعالى ـ وغيرها من القبائح .
فإذا كان اليهودُ والنصارى ـ وهم أوْلى بالحقّانيّة من غيرهم (١) ـ على هذا الظهور من البطلان ، والبعد من الحقّ ! فكيف بغيرهم ؟ !
وكلّ ذلك بخلاف ما هو معلومٌ ـ بالضرورة ـ من حكمة القرآن ، وجلالة أحكام
__________________(١) أي من أصحاب العقائد والنحل الباطلة ، كالوثنيّة والملاحدة والثنوية والمادّية ، التي لا تعتقد برسالة إلٰهيّة سماويّة .