فصرت إلى الناحية فأمررنا بالبقر بمن فيها على القبور فمرّت عليها كلها فلمّا بلغت قبر الحسين عليهالسلام لم تمرّ عليه ، قال عمّي عمر بن فرج ، فأخذت العصا بيدي ، فما زلت أضربها حتى انكسرت العصا بيدي والله ما جازت على قبره وكان هذا الرجل شديد الانحراف عن آل محمد صلىاللهعليهوآله (١) . وقد صدقت الحوراء زينب عليهاالسلام فيما تحدّثت به مع زين العابدين عليهالسلام لمّا مرّت بجثمان الحسين يوم الحادي عشر من المحرم في طريقها إلى الكوفة ورأت حجة العصر علي بن الحسين يجود بنفسه لما نظر من حالة أبيه وهو على أرض كربلاء قالت : « مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي واخوتي فو الله ان هذا لعهدٌ من الله إلى جدّك وأبيك ولقد اخذ الله ميثاق أُناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات انه يجمعون هذه الأعضاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يمحىٰ رسمه على كرور الليالي والأيام وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلّا علواً » (٢) .
نعم يبقى هذا القبر مشعلاً ينير الدرب للأحرار ، وعلماً يهتدي به كلّ من أمّ سبيله ، وملجأ إلى كل من لجأ إليه ، وعصمة لمن اعتصم بمنهجه الوضّاء ، وزائر الحسين عليهالسلام إذا توجّه إليه في مثل هذه الأيام أيام الأربعين هو في الحقيقة يقصد ان يواسي عائلة الحسين عليهالسلام ويواسي زين العابدين عليهالسلام لأنّ السبايا أخذوا إلى الشام ورأوا ما رأوا في هذا الطريق من الذلّ والهوان كأنهم أولاد ترك أو كابل حتى أنشد الامام زين العابدين عليهالسلام :
______________________
(١) تسلية المجالس ٢ : ٤٧٥ .
(٢) كامل الزيارات : ٢٦١ .