ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر : يا هذا لم تصنع شيئاً ما لم يبايعك علي ؟ فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك قال : فبعث قنفذاً فقال له أجب خليفة رسول الله ، قال علي عليهالسلام لأسرع ما كذبتم على رسول الله صلىاللهعليهوآله ما خلّف رسول الله أحداً غيري ، فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة علي عليهالسلام فقال أبو بكر : انطلق إليه فقل له : يدعوك أبو بكر ويقول : تعال حتى تبايع ، فإنّما أنت رجل من المسلمين فقال علي عليهالسلام أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا أُخرج بعده من بيتي حتّى أُولّف الكتاب في جرائد النخل وأكتاف الإبل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة علي فقال عمر قم إلى الرجل ، فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد ، والمغيرة بن شعبه وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة . وقال ابن قتيبة : إنّ عمر قال لأبي بكر : لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع فجاءه قنفذ فأدّ ما أمر به فرفع علي صوته فقال : سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلاً ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة (١) .
وجاءت مولاتنا فاطمة عليهاالسلام بنت النبي صلىاللهعليهوآله خلف الباب وخاطبت القوم قائلة : « لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم ، تركتم رسول الله جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم فيما بينكم ولم تؤمّرونا ولم تروا لنا حقاً ، كأنكم لم تعلموا ، قال يوم غدير خم والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع فيكم بذلك منها الرجاء ، ولكنكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة ... » (٢) .
ثم رفعت صوتها وخاطبت أباها قائلة : « يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من
______________________
(١) الامامة والسياسة : ١٩ ـ ٢٠ .
(٢) الاحتجاج ١ : ١٠٥ .