وقد تحركت اُم اسماعيل عند ما نفد عندهما الماء ، وغلب الظمأ علىٰ اسماعيل تحركت للبحث عن الماء وسعت في طلبه ، تصعد إلىٰ الصفا مرة ، تنظر في الافق البعيد باحثة عن الماء ، وتنزل من الصفا وتتّجه إلى المروة تارة اخرىٰ لتصعد عليه وتنظر إلى الافق البعيد تبحث عن الماء ، ورغم أنها استعرضت في هذه الحركة كل الاُفق من علىٰ الصفا والمروة فلم تجد ماءً ، لم تيأس وكررت هذه الحركة والصعود والنزول والهرولة من الصفا إلىٰ المروة وبالعكس سبع مرات.
ولو لا هذا الامل والرجاء لانقطع سعيها في الشوط الاول ، ولكن الامل والرجاء اللذين كانا يعمران قلبها العامر كانا يدعوانها كل مرة إلىٰ إعادة السعي مرة اخرىٰ ، حتىٰ فرج الله عنهما وفجر زمزم تحت قدمي اسماعيل ، ولكن الامل هنا في الله وليس في الماء ، ولو كان املها في الماء لانقطع املها في المرة الاُولىٰ أو الثانية.
وقد جعل الله تعالىٰ هذا السعي وهذه الحركة شرطاً للرزق ، ولا تزول رحمته علىٰ الانسان ، والله تعالىٰ يرزق عباده ، وينزل عليهم رحمته ، ولكن الله تعالىٰ شاء أن يكون السعي والحركة مفتاحاً لرزقه ورحمته.
والمنزل الثالث لرحمة الله تعالىٰ في هذا المشهد هو دعاء ام اسماعيل ، وانقطاعها إلىٰ الله واضطرارها إليه عزّ شأنه في طلب الماء في هذا الوادي القفر غير ذي الزرع.
وكلّما انقطع الانسان في دعائه الىٰ الله اكثر كان اقرب الىٰ رحمة الله.
ولست ادري في أية حالة من حالات الانقطاع إلىٰ الله كانت هذه المرأة الصالحة ، في تلك اللحظات في ذلك الوادي ، وليس من انسان أو حيوان حولها ، ووحيدها الرضيع يتلظى عطشاً ، ويكاد أن يلفظ آخر انفاسه.
لقد انقطعت هذه
المرأة إلى الله في تلك اللحظه انقطاعاً ضجّت له ملائكة الله