بالدعاء ، وضموا اصواتهم الى صوتها ، ودعاءهم إلى دعائها.
ولو أن الناس كلهم انقطعوا إلىٰ الله بمثل هذا الانقطاع ( لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ) وعمتّهم رحمة الله تعالىٰ. عليكِ سلام الله يا اُمنا ام اسماعيل من ابنائك الّذين آتاهم الله النور والهدىٰ ، والايمان والنبوة ومن المهتدين بهداهم ونورهم ، فلو لا الانفراد في ذلك الوادي القفر غير ذي الزرع في هجير الحجاز ، ولو لا تلك المعاناة والمحنة لم تنقطعي إلى الله عزّوجلّ بمثل هذا الانقطاع في ذلك الموقف العسير علىٰ جبلي الصفا والمروة ، ولو لا ذلك الانقطاع إلىٰ الله ، لم تنزل رحمة الله تعالىٰ عليكما ، ولو لا تلك الرحمة لم يكن انقطاعك الىٰ الله وسعيك بين الصفا والمروة من شعائر الله في الحج.
( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) (١).
لقد ثبّت الله تعالىٰ يا اُمنا انقطاعك إليه في ذلك الهجير ، وسعيك إلى الماء وصراخ صغيرك اسماعيل في ذاكرة التاريخ ، ليعرف الاجيال من بعدك كيف يستنزلون رحمة الله ، وكيف يتعرضون لرحمة الله.
إن رحمة الله تعالىٰ واسعة لا شح فيها ولا نقص ، ولا عجز ، ولكن الناس لا يعرفون مواضع هذه الرحمة ومنازلها ، ولا يحسنون التعرّض لها والاستفادة منها.
ومنك تعلمنا يا اُمنا كيف نطلب منازل رحمة الله وكيف نتعرض لرحمة الله ، ومنك يا اُمنا اخذنا مفاتيح الرحمة.
وعذراً يا اُمنا إذا كنّا نحن ابناءك لم نحفظ هذه المفاتيح التي سلمتِها إلىٰ اسماعيل من بعدك ، وتوارثها ابناء اسماعيل من اسماعيل وتوارثناها نحن من ابنك
__________________
(١) البقرة : ١٥٨.