الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ
عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ
مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ
) .
وقد كان من حق نوح عليهالسلام أن يسأل الله تعالىٰ نجاة من كان من أهله. أما من لم يكن من أهله فلا يحق له أن يسأله له النجاة من الغرق.
ولم يكن ابنه من أهله
، وهذا هو حكم الله ، ولم يكن يحق لنوح عليهالسلام أن يسأل الله تعالیٰ علیٰ خلاف قوانينه وأحكامه.
ولننظر في جواب نوح عليهالسلام ، وهو جواب العبد المنيب الذي يسرع الىٰ مرضاة ربه ، ويعوذ به أن يسأله ما ليس له به علم ، وينيط نجاحه وفوزه برحمته ومغفرته تعالیٰ.
إن فهم سنن الله
تعالىٰ أمر لابدّ منه في الدعاء ، وليست مهمّة الدعاء اختراق هذه السنن وتجاوزها ، وإنما مهمّة الدعاء توجيه العبد الىٰ السؤال من الله
في دائرة سننه وقوانينه إن سنن الله تجسد دائماً ارادته تعالىٰ التكوينية ، ومهمة
الدعاء استعطاف ارادة الله وليس تجاوزها واختراقها ، والله تعالىٰ يقول : ( وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا ).
والنظام الكوني هو
تجسيد وتبلور لإرادة الله الذي لا يصلح أمر الكون من دونه ؛ ولا يصح أن يطلب العبد في الدعاء تغييره. فإن الدعاء من أبواب رحمة الله تعالىٰ لعباده ؛ وإرادة الله تعالىٰ مطابقة دائماً لرحمته ولا يصح من
العبد أن يسأل الله تعالیٰ تغييرها واستبدالها.
لا تختلف سنة عن سنة
، فكل سنة تمثل ارادة الله ، وكل ارادة لله تمثل رحمة
__________________