الله وحكمته اللتين لا رحمة ولا حكمة فوقهما ، سواء في ذلك السنن الكونية والتاريخية والاجتماعية.
فمن سنن الله تعالىٰ مثلاً حاجة الناس بعضهم الىٰ بعض في شؤون دينهم ودنياهم ، وليس من الصحيح أن يطلب الانسان من الله تعالىٰ أن يغنيه عن الآخرين ولا يحوجه الىٰ خلقه ، فهو دعاء علىٰ خلاف سنة الله تعالىٰ وارادته تماماً.
وقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه قال : « قلت : اللّهم لا تحوجني الىٰ أحد من خلقك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي ، لا تقولن هكذا ، فليس من أحد إلّا وهو محتاج الىٰ الناس.
قال : فقلت : كيف (اقول) يا رسول الله ؟
قال : قل : اللّهم لا تحوجني الىٰ شرار خلقك » (١).
وروي عن شعيب عن أبي عبدالله عليهالسلام في حديث أنه قال له : « ادع الله أن يغنيني عن خلقه. قال : إن الله قسّم رزق من شاء علىٰ يدي من شاء ، ولكن اسأل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك الىٰ لئام خلقه » (٢).
وبهذا الفهم للدعاء تجد أن النصوص الإسلامية تحدّد للدعاء دائرة واقعية وتخرج الدعاء عن الدوائر غير الواقعية والخيالية.
وتؤكد هذه النصوص حقيقة هامّة في طريقة واسلوب معيشة الانسان المسلم. فكما يجب أن يكون سعيه وحركته واقعيين ، وبعيدين عن الخيال ، كذلك يجب أن يكون دعاؤه في نفس الدائرة الواقعية.
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه سأله شيخ من الشام :
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٢٥.
(٢) أصول الكافي : ٤٣٨ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٧٠ ، ح ٨٩٤٦.