بين دليل الإلزام
في الخطاب الشمولي ودليل الترخيص في الخطاب البدلي ، وقد تقدّم أنّه متى تعارض
دليل الترخيص مع دليل الإلزام قدِّم الثاني على الأول.
ونلاحظ على ذلك :
أنّ حرمة إكرام الفقير الفاسق تنافي الوجوب بنفسه مع فرض تعلّقه بصرف وجود الفقير
بلا قيد العدالة ، بقطع النظر عمّا يترتّب على ذلك من ترخيصاتٍ في التطبيق ،
فالتنافي إذن بين إطلاقي حكمين إلزاميّين.
اللهمّ إلاّأن
يقال : إنّ الإطلاق البدلي للأمر بالإكرام حالُه عرفاً كحال إطلاق أدلّة الترخيص ،
في أنّه لا يفهم منه أكثر من عدم وجود مقتضٍ من ناحية الأمر للتقيّد بحصّةٍ دون
حصة ، فلا يكون منافياً لوجود مقتضٍ لذلك من ناحية التحريم المجعول في الدليل
الآخر.
٥
ـ إذا تعارض أصل مع
أمارة ، كالرواية الصادرة من ثقةٍ فالتعارض ـ كما أشرنا سابقاً ـ إنمّا هو بين دليل حجّية الأصل ودليل حجّية تلك الرواية
؛ وفي مثل ذلك قد يقال بالورود بتقريب : أنّ موضوع دليل الأصل هو عدم العلم بما هو
دليل ، ودليل حجّية الخبر يجعل الخبر دليلاً ، فيرفع موضوع دليل الأصل حقيقةً وهو
معنى الورود.
ولكنّ أخذ العلم
في دليل الأصل بما هو دليل لا بما هو كاشف تامّ يحتاج إلى قرينة ؛ لأنّ ظاهر
الدليل في نفسه أخذ العلم فيه بوصفه الخاصّ.
وقد يقال بالحكومة
بعد الاعتراف بأنّ ظاهر دليل الأصل أخذُ عدم العلم في موضوعه بما هو كاشف تامّ ؛
وذلك لأنّ دليل حجّية الأمارة مفاده التعبّد بكونها علماً وكاشفاً تامّاً ، وبذلك
يوجب قيامها مقام القطع الموضوعي المأخوذ ـ إثباتاً أو نفياً ـ موضوعاً لحكمٍ من
الأحكام. ومن أمثلة ذلك : قيامها مقام القطع المأخوذ
__________________