الشيء في عهدة المكلّف مصبّاً لحقّ الطاعة ، بل يمكنه أن يجعل مقدمة ذلك الشيء ـ التي يعلم المولى بأنّها مؤدِّية إليه ـ في عهدة المكلّف دون نفس الشيء ، فيكون حقّ الطاعة منصبّاً على المقدّمة ابتداءً ، وإن كان الشوق المولويّ غير متعلّقٍ بها إلاّ تبعاً. وهذا يعني أنّ حقّ الطاعة ينصبّ على ما يحدّده المولى ـ عند إرادته لشيءٍ ـ مصبّاً له ويدخله في عهدة المكلّف ، والاعتبار هو الذي يستخدم عادةً للكشف عن المصبّ الذي عيّنه المولى لحقّ الطاعة ، فقد يتّحد مع مصبّ إرادته ، وقد يتغاير.
[شبهات حول الحكم الظاهري :]
وأمّا الأحكام الظاهرية فهي مثار لبحثٍ واسع ؛ وُجِّهت فيه عدّة اعتراضاتٍ للحكم الظاهريّ تبرهن على استحالة جعله عقلاً (١) ، ويمكن تلخيص هذه البراهين في ما يلي :
١ ـ إنّ جعل الحكم الظاهريّ يؤدّي إلى اجتماع الضدّين أو المثلين ؛ لأنّ الحكم الواقعيّ ثابت في فرض الشكّ بحكم قاعدة الاشتراك المتقدّمة ، وحينئذٍ فإن كان الحكم الظاهريّ المجعول على الشاكّ مغايراً للحكم الواقعيّ نوعاً ـ كالحلّيّة والحرمة ـ لزم اجتماع الضدّين ، وإلاّ لزم اجتماع المثلين.
وما قيل سابقاً (٢) من أنّه لا تنافي بين الحكم الواقعيّ والظاهري لأنّهما
__________________
(١) اثيرت هذه الشبهة حول حجّية خبر الواحد غير القطعيّ من قبل محمّد بن عبد الرحمن المعروف بابن قبة على ما نسب إليه في المعالم : ١٨٩ ، كما نسبت إليه الشبهة المذكورة أيضاً حول حجّية مطلق الأمارات غير القطعيّة في كتاب أجود التقريرات ٢ : ٦٣.
(٢) في الحلقة الثانية من هذا الكتاب ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : اجتماع الحكم الواقعي والظاهري.