القيود المتأخِّرة زماناً عن المقيّد
القيد ـ سواء كان قيداً للحكم المجعول ، أو للواجب الذي تعلّق به الحكم ـ قد يكون سابقاً زماناً على المقيَّد به ، وقد يكون مقارناً. فالقيد المتقدم للحكم من قبيل هلال شهر رمضان الذي هو قيد لوجوب الصيام ، مع أنّ هذا الوجوب يبدأ عند طلوع الفجر. والقيد المقارن للحكم من قبيل الزوال بالنسبة إلى الصلاة. والقيد المتقدم للواجب من قبيل الوضوء ، بناءً على كون الصلاة مقيّدةً بالوضوء لا بحالةٍ مسبّبةٍ عنه مستمرّة. والقيد المقارن له من قبيل الاستقبال بالنسبة إلى الصلاة.
وقد افترض في الفقه أحياناً كون القيد متأخّراً زماناً عن المقيّد ، ومثاله في قيود الحكم : قيديّة الإجازة لنفوذ عقد الفضولي ، بناءً على القول بالكشف. ومثاله في قيود الواجب : غسل المستحاضة في الليل الدخيل في صحة صيام النهار المتقدّم ، على قول بعض الفقهاء (١).
ومن هنا وقع البحث في إمكان الشرط المتأخِّر وعدمه. ومنشأ الاستشكال هو : أنّ الشرط والقيد بمثابة العلّة أو جزء العلّة للمشروط والمقيّد ، ولا يعقل أن تتأخّر العلّة أو شيء من أجزائها زماناً عن المعلول ، وإلاّ يلزم تأثير المعدوم في الموجود ؛ لأنّ المتأخِّر معدوم في الزمان السابق ، فكيف يوثِّر في وقتٍ سابقٍ على وجوده؟
وقد اجيب على هذا البرهان : أمّا فيما يتعلّق بالشرط المتأخّر للواجب فبأنّ كون شيءٍ قيداً للواجب مرجعه إلى تحصيص الفعل بحصّةٍ خاصّة ، وليس
__________________
(١) منهم الشيخ الطوسي وابن إدريس ، كما في الجواهر ١٦ : ٢٤٧.