عدم النقل في الفترة المشكوكة.
والسرّ في ذلك : أنّ البناءات العقلائية إنّما تقوم على أساس حيثيات كشفٍ عامةٍ نوعية ، فحينما يلغى احتمال النقل عرفاً يستند العقلاء في تبرير ذلك إلى أنّ النقل حالة استثنائية في حياة اللغة بحسب نظرهم ، وأمّا حيث تثبت هذه الحالة الاستثنائية فلا تبقى حيثية كشفٍ مبرّرةٍ للبناء على نفي احتمال تقدمها.
بل لا يخلو التمسّك بأصالة عدم النقل من إشكالٍ في الموارد التي علم فيها بوجود ظروفٍ معيّنة بالإمكان أن تكون سبباً في تغيّر مدلول الكلمة ، وإنّما المتيقّن منها عقلائياً حالات الاحتمال الساذج للتغيّر والنقل.
التفصيلات في الحجّية :
توجد عدّة أقوالٍ تتّجه إلى التفصيل في حجِّية الظهور ، وقد أشرنا إلى أحدها في الحلقة السابقة (١) ، ونذكر في مايلي اثنين من تلك الأقوال :
القول الأوّل : التفصيل بين المقصود بالإفهام وغيره (٢). فالمقصود بالافهام يعتبر الظهور حجّةً بالنسبة إليه ؛ لأنّ احتمال القرينة المتصلة على الخلاف بالنسبة إليه لا موجب له ـ مع عدم إحساسه بها ـ إلاّ احتمال غفلته عنها ، فينفى ذلك بأصالة عدم الغفلة باعتبارها أصلاً عقلائياً ، وأمّا غيره فاحتماله للقرينة لا ينحصر منشؤه بذلك ، بل له منشأ آخر ، وهو احتمال اعتماد المتكلّم على قرينةٍ تمَّ التواطؤ عليها بصورةٍ خاصّةٍ بينه وبين المقصود بالإفهام خاصّة ، وهذا الاحتمال لا تجدي
__________________
(١) في بحث إثبات حجّية الدلالة في الدليل الشرعي اللفظي ، تحت عنوان : ظواهر الكتاب الكريم.
(٢) يظهر هذا القول من المحقّق القمّي في القوانين ١ : ٣٩٨ ـ ٤٠٣ ، و ٢ : ١٠٣.