الحِلِّية ومشكوك الطهارة منزلة الحلال الواقعي ومنزلةالطاهر الواقعي ، خلافاً لمن يقول : إنّ دليل هذين الأصلين ليس ناظراً إلى الواقع ، بل يُنشئ بنفسه حِلّيةً أو طهارةً بصورةٍ مستقلّة.
ويسمّى الأصل في حالة بذل هذه العناية التنزيلية بالأصل التنزيلي. وقد تترتّب على هذه التنزيلية فوائد ، فمثلاً : إذا قيل بأنّ أصل الإباحة تنزيليّ ترتّب عليه حين تطبيقه على الحيوان ـ مثلاً ـ طهارة مدفوعه ظاهراً ؛ لأنّها مترتّبة على الحِلِّية الواقعية ، وهي ثابتة تنزيلاً ، فكذلك حكمها. وأمّا إذاقيل بأنّ أصل الإباحة ليس تنزيلياً بل إنشاء لحلّيةٍ مستقلّةٍ فلا يمكن أن نُنقِّح بها طهارة المدفوع ، وهكذا.
والآخر : أن ينزَّل الأصل أو الاحتمال المقوِّم له منزلة اليقين ، بأن تجعل الطريقية في مورد الأصل ، كما ادّعي ذلك في الاستصحاب من قبل المحقّق النائيني (١) والسيد الاستاذ (٢) على فرقٍ بينهما ، حيث إنّ الأول اختار : أنّ المجعول هو العلم بلحاظ مرحلة الجري العملي فقط. والثاني اختار : أنّ المجعول هو العلم بلحاظ الكاشفية ، فلم يبقَ على مسلك جعل الطريقية فرق بين الاستصحاب والأمارات في المجعول على رأي السيد الاستاذ.
ويسمّى الأصل في حالة بذل هذه العناية بالأصل المحرز. وهذه المحرزية قد يترتّب عليها بعض الفوائد في تقديم الأصل المحرز على غيره ، باعتباره عِلماً وحاكماً على دليل الأصل العملي البحت ، على ما يأتي في محلّه إن شاء الله
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٨٦.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ٣٨ ، و ٣ : ١٥٤.