الفصل الخامس
الرواة لأحاديث التحريف من
الشيعة
لقد كان بحثنا حتى الآن يدور حول الأحاديث التي وردت في كتب الشيعة الإمامية وهي تفيد ـ بظاهرها ـ تحريف القرآن ، بمعنى نقصانه وضياع شئ مما نزل على النبي صلىاللهعليهوآله.
والآن يجدر بنا أن ننظر في الكتب التي أخرجت تلك الأحاديث فيها ، والعلماء الذين رووها ، لنرى مدى صحة التمسك بهذه الأحاديث من هذه الجهة.
وقبل الخوض في البحث يجب أن ننبه على أمور :
أولا : إن رواية الخبر مطلقا أعم من قبوله والاعتقاد بمضمونه ، فقد عني محدثوا الشيعة منذ القرون الأولى بجمع الروايات الواصلة إليهم عن الأئمة ، وتبويبها وتنظيمها ، صونا لها من الضياع والنسيان وما شابه ذلك ، من غير نظر في متونها وأسانيدها ولذا تجد في روايات الواحد منهم ما يعارض ما رواه الآخر ، بل تجد ذلك في أخبار الكتابين بل الكتاب الواحد للمؤلف الواحد ، وترى المحدث يروي في كتابه الحديثي خبرا ينص على عدم قبول مضمونه في كتابه الاعتقادي ، لذلك ، فالرواية أعم من القبول والتصديق بالمضمون.
فلا يجوز نسبة مطلب إلى راو أو محدث بمجرد روايته أو نقله لخبر يدل على ذاك المطلب ، إلا إذا نص على الاعتقاد به أو أورده في كتب التزم بصحة أخباره ، أو ذكره في كتاب صنفه في بيان اعتقاداته.
وهل يوجد عند الشيعة كتاب التزم فيه مؤلفه بالصحة من أوله إلى آخره؟ الجواب : لا ، وهذا هو الأمر الثاني.
ثانيا : إنه لا يوجد كتاب واحد من بين كتب الشيعة وصفت أحاديثه جميعها بالصحة ، وقوبلت بالتسليم والقبول لدى الفقهاء والمحدثين ، ولذا نجد أن أحاديث الشيعة