المحققين من علماء الإمامية) (٤).
وقال السيد الخوئي : (إن من يدعي التحريف يخالف بداهة العقل) (٥).
فإن نوقش في هذا ، فلا كلام في مخالفة روايات التحريف لظاهر الكتاب حيث قال عز من قائل : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ليكون قدوة للأمة وبرنامجا لأعمالها ، ومستقى لأحكامها ومعارفها ، ومعجزة خالدة. ومن المعلوم المتسالم عليه : سقوط كل حديث خالف الكتاب وإن بلغ في الصحة وكثرة الأسانيد ما بلغ ، وبهذا صرحت النصوص عن النبي والأئمة عليهمالسلام ، ومن هنا أعرض علماء الإمامية الفطاحل ـ الأصوليون والمحدثون ـ عن هذه الأحاديث ... قال المحدث الكاشاني في (الصافي) : (إن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له فيجب رده) (٦).
فإن نوقش في هذا أيضا فقيل بأنه استدلال مستلزم للدور ، أو قيل بأن الضمير في (له) عائد إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فإن هذه الروايات تطرح لما يلي : أولا : إنها موافقة للعامة ، فإن القول بالتحريف منقول عن الذين يقتدون بهم من مشاهير الصحابة ، وعن مشاهير أئمتهم وحفاظهم ، وأحاديثه مخرجة في أهم كتبهم وأوثق مصادرهم كما سيأتي في بابه ، وهذا وجه آخر لسقوط أخبار التصريف عند فرض التعارض بينها وبين روايات العدم ، كما تقرر ذلك في علم أصول الفقه.
ثانيا : إنها شاذة ونادرة والروايات الدالة على عدم التحريف مشهورة أو متواترة ، كما في كلمات الأعلام كالشيخ كاشف الغطاء وغيره ، وسيأتي الجواب عن شبهة تواتر ما دل على التحريف ، فلا تصلح لمعارضة تلك الروايات ، بل مقتضى القاعدة المقررة في علم الأصول لزوم الأخذ بالأشهر ورفع اليد به عن الشاذ النادر.
ثالثا : إنه بعد التنزل عن كل ما ذكر فلا ريب في أن روايات التحريف أخبار آحاد ، وقد ذهب جماعة من أعلام الإمامية على عدم حجية الآحاد مطلقا ، ومن يقول بحجيتها لا يعبأ بها في المسائل الاعتقادية ، وهذا ما نص عليه جماعة.
__________________
(٤) أجوبه مسائل جار الله : ٣٠.
(٥) البيان : ٢٧
(٦) تفسير الصافي ١ : ٤٦.