على الاُمور الذهنيّة
بأحكام ذهنية كقولنا : الإمكان مقابل للإمتناع ، لم تجب مطابقته لما في الخارج إذ ليس في الخارج إمكان وامتناع متقابلان ، ولا في الخارج إنسان ممكن.
إذا تقرّر هذا فنقول : الحكم
الصحيح في هذين القسمين لا يمكن أن يكون باعتبار مطابقته لما في الخارج ، لما تقدّم من أنّ الحكم ليس مأخوذاً بالقياس إلى الخارج ، ولا باعتبار مطابقته لما في الذهن ، لأنّ الذهن قد يتصوّر الكواذب ، فإنّا
قد نتصور كون الإنسان واجباً مع أنّه ممكن.
فلو كان صدق الحكم باعتبار
مطابقته لما في الذهن ، لكان الحكم بوجوب الإنسان صادقاً ، لأنّ له صورة ذهنية مطابقة لهذا الحكم ، بل يكون باعتبار مطابقته
لما في نفس الأمر.
وقد كان في بعض أوقات
استفادتي منه ـ رحمه الله ـ جرت هذه النكتة ، وسألته عنه معنى قولهم : إنّ الصادق في الأحكام الذهنية هو باعتبار مطابقته لما في
نفس الأمر ، والمعقول من نفس الأمر إمّا الثبوت الذهني أو الخارجي ، وقد منع كل منهما
ها هنا.
فقال ـ رحمه الله ـ : « المراد
بنفس الأمر هو العقل الفعّال ، فكل صورة أو حكم ثابت في الذهن مطابق للصور المنتقشة في العقل الفعّال ، فهو صادق ، وإلّا فهو كاذب ».
فأوردت عليه ان الحكماء
يلزمهم القول بانتقاش الصور الكاذبة في العقل الفعّال ، لأنهم استدلّوا على ثبوته بالفرق بين النسيان والسهو ، فإنّ السهو هو
زوال الصورة المعقولة عن الجوهر العاقل ، وارتسامها في الحافظ لها ، والنسيان هو زوالها عنهما
معاً ، وهذا يتأتى في الصور المحسوسة ، اما المعقولة فإن سبب النسيان هو زوال الإستعداد
بزوال المفيد للعلم في باب التصوّرات والتصديقات ، وهاتان الحالتان قد تعرضان في الأحكام
الكاذبة ، فلم يأت فيه بمقنع.
وهذا البحث ليس من هذا
المقام ، وإنما انجرّ الكلام إليه ، وهو بحث شريف لا يوجد في الكتب.
فنقول : الأمر في معرفة
نفس الأمر مبتنٍ على اُمور :
أحدها : مرادهم من كلمتي
النفس والأمر ، وغرضهم من الإضافة ، وتركيب