العبارة ، والأقوال التي قيلت في نفس الأمر.
ثانيها : المراد من « الخارج » في قولنا : هذا يطابق الخارج ، وهذا لا يطابقه ، كالقضايا ، الصادقة والكاذبة ، والتحقيق في المطابقة وعدمها.
ثالثها : بيان العقل الفعّال ، ونحو كينونة الحقائق فيه ، واشتماله عليها.
فاعلم أنّ كلمة « النفس » بمعنى الذات ، و « الأمر » بمعنى الشيء ، وإطلاق النفس على الذات ، والأمر على الشيء ذائع نظماً ونثراً ، في منشآت أرباب القلم العربي ، ومحاوراتهم ومقاماتهم ، وقد أغنتنا الشهرة عن الإتيان بالأمثلة والإستشهاد بها. على أنّ المعاجم اللغوية وحدها حجّة على ذلك ، ولا حاجة للنقل. فنفس الأمر بمعنى ذات الشيء وحقيقته ، فالشيء الذي له حقيقة له نفسية بذاته ، وواقعية في حدّ ذاته ، فهو موجود في حدّ ذاته ، مع قطع النظر عن فرض فارض واعتبار معتبر.
يقول المحقّق الطوسي مثلاً في شرح الفصل الثالث من النمط الثاني من الإشارات في بيان ان المحدد للجهات على ما ذهب إليه المتأخّرون من المشاء ما هذا لفظه :
« الأمر في نفسه هو أن المحدّ الأول لايكون إلّا المحيط المطلق. يعني أنّ حكم المحدّد ، ومسألته النفسية الواقعية أنّه لا يكون إلّا المحيط المطلق. فنفس الأمر بمعنى الأمر في نفسه ، فهما بمعنى واحد ».
فنقول : إنّ تلك الواقعيات في نظام الكون الأحسن الأتم هي صورة علميّة نطلبها ، ونبحث عنها ، ونقيم البرهان عليها ، فإذا حصلت لنا صرنا عالمين بها ، فيتفرّع عليها نتائج حقة ، نستفيد بها في شؤون اُمورنا الدنيوية والاُخروية ، لا تتغيّر عن حقائقها بفرض فارض ، وتصوّر متصوّر ، واعتبار معتبر. مثلاً : الأربعة زوج ، والإنسان ممكن ، والجسم المتناهي متشكّل ، أحكام واقعية نفسية ، لا فرضية اعتبارية ، يترتّب عليها نتائج علمية حقيقية. بخلاف القول بأن الأربعة فرد ـ مثلاً ـ فإنّه لا نفسية له أصلاً ، وهكذا غيره من الكواذب الاُخرى ، فنفس الأمر عبارة عن وجود أصيل قويم لايتطرق إليها بطلان ، بل هي متن من متون الأعيان ، وتخم (١) من تخوم الضرورة والبرهان ، أي حد من
____________________________
(١) تخم : كلمة تستعمل نادراً بمعنى الحدّ ، وتخوم بمعنى حدود ، وما بعدها مفسّر لها.