الحمدانيّين ، فجرّدوا فيهم السيف قتلاً ونهباً وسبياً وسلباً ، فلم يبق منهم إلّا من لجأ إلى القرى والضواحي.
والفتوى ـ بنصّها العربي ـ مدرجة في كتاب « العقود الدُريّة في تنقيح الفتاوى الحامدية » ص ١٠٢ من الجزء الأول (٩) ، جاء فيها :
« ومن توقّف في كفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم ، فهو كافر مثلهم ! ... » إلى أن يقول في ص ١٠٣ : « فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفّار ، تابوا أولم يتوبوا ... ولا يجوز تركهم عليه بإعطاء الجزية ، ولا بأمان مؤقّت ولا بأمان مؤبّد ... ويجوز استرقاق نسائهم ، لأنّ استرقاق المرتدّة بعدما لحقت بدار الحرب جائز ، وكلّ موضع خرج عن ولاية الإمام الحقّ ! فهو بمنزلة دار الحرب ، ويجوز استرقاق ذراريهم تبعاً لاُمّهاتهم ».
أقول : « كُبُرَتْ كلمةً تخرجُ من أفواههم إنْ يقولون إلّا كَذِباً تكادُ السمواتُ يتفطّرْنَ منه وتنشقُّ الأرضُ وَتخِرُّ الجِبالُ هَدّاً » فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .. الله يعلم كم سَفَكتْ هذه الفتوى من دم حرام ، وقَتلتْ من نفوس محترمة ، فقد راح ضحيّتها في مجزرة حلب القمعيّة وحدها أربعون ألفاً من الشيعة ، وفيهم الاُلوف من الشرفاء من ذرّيّة رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم.
فأرسل السيد شرف الدين علي بن حجّة الله الشولستاني ـ من علماء النجف الأشرف آنذاك ـ هذه الفتوى إلى إيران للسعي في وضع حدّ لهذه المجازر.
فتصدّى له الشيخ عزّالدين علي نقي الطغائي الكَمَري ، قاضي شيراز ، وشيخ الإسلام بأصفهان ، المتوفّى سنة ١٠٦٠ هـ ، فألّف في الردّ عليه وفي تفنيد مزاعمه وإبطال مفترياته كتاباً حافلاً سمّاه « الجامع الصفوي » (١٠).
____________________________
(٩) ونسخة الأصل من نصّ الفتوى الصادرة بالتركية لازالت محفوظة في خزائن البلاط العثماني ، ونشرت في الفترة الأخيرة في الجزء الثاني من كتاب « لامذهب لرى » وقد طبع في إسلامبول باللغة التركية ، وطبعت فيه الفتوى عن النسخة الأصلية المحفوظة في مركز الوثائق في مكتبة طوپ قپوسراي ، وهي مكتبة البلاط.
(١٠) من « الجامع الصفوي » نسختان في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، برقم ١٢٧ ورقم ٩٧٧٣ ، ذكرتا في فهرسها ١١ : ١١٧.
وفي مكتبة السيد المرعشي العامة ، في قم ، ثلاث نسخ بالأرقام ٢٩٠ و ٣٦٥٤ و ٤٠٤٦ ، مذكورة في فهرسها ١ : ٣٣٥ و ١٠ : ٤٩ و ١١ : ٤٦.