بين الدفّتين ، وهو
ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ... ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب » .
ويقول الشيخ محمد بن محمد
بن النعمان ، الملقّب بالمفيد ، البغدادي ـ المتوفّى سنة ٤١٣ ـ : « وقد قال جماعة من أهل الإمامة : إنّه لم ينقص من كلمة ، ولا من آية
، ولا من سورة ، ولكن حذف ماكان مثبتاً في مصحف أميرالمؤمنين عليه السلام من تأويله ، وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من
جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز.
وعندي أنّ هذا القول أشبه
من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب » .
ويقول الشريف المرتضى علي
بن الحسين الموسوي ، الملقّب بعلم الهدى ـ المتوفّى سنة ٤٣٦ ـ : « إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث
الكبار والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت
والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدٍّ لم يبلغه في ماذكرناه ، لأنّ
القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد
بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيَّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد
؟! ».
وقال : « إنّ العلم بتفصيل
القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ماعلم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتى لو أنّ مُدخلاً
أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعُرِف ومُيّز ، وعلم أنّه ملحق
وليس في أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء ».
وقال : « إنّ القرآن كان
على عهد رسول الله صلّی الله عليه وآله مجموعاً مؤلّفاً على ماهو عليه الآن ... ».
____________________________