العمل بالحرام ،
لا يتمّ الكلام هنا ، لأنّ فتح باب الرخصة في ذلك لآحاد المكلّفين يقتضي تجويز
الارتكاب في الجميع ، فأين اعتبار ملاحظة المعارض مع أنّ الغالب في ذلك هو
التعارض ، وخبر لم يوجد له معارض لمن أنس بطريقة الاستنباط في غاية النّدرة ، وإن
كان في أوّل أمره.
والحاصل ، أنّ
المجتهد إذا علم أنّ دليل الحكم إنّما هو في جملة هذه الأدلّة المتعارضة
[المتخالفة] المختلفة ، لا نفس كلّ واحد منها ، فلا بدّ من البحث عن المعارض حتّى
يعرف أنّ العمل بأيّها هو الرّاجح في ظنّه ، لئلّا يكون مؤثرا للمرجوح ، ولئلّا
يكون تاركا للأخبار المستفيضة الواردة بالعلاج والترجيح فيما لو كان الخبران
متخالفين ، إذ العلم بوجود الخبرين المتعارضين في جملة تلك الأخبار حاصل لنا ويجب
علينا علاجه ، وعدم العلم بالفعل بأنّ هذا الخبر الذي رآه أوّلا هل هو من هذا
الباب أم لا ، لا يوجب العلم بعدم ذلك ، لأنّ ورود الخبرين المتعارضين صادق على ما
ورد علينا في جملة الأدلّة مع إمكان معرفتهما بعينهما.
وممّا ذكرنا ،
يظهر أنّه لا يمكن التمسّك بأصالة عدم المعارض في كلّ رواية ، إذ المفروض أنّ
أحاديثنا مشتملة على الحديث الذي له معارض والحديث الذي لا معارض له ، وكون الأصل
عدم كون الحديث الذي نراه أوّلا هو ما لا معارض له ، ليس بأولى من كونه هو الذي له
معارض ، فيجب إجراء حكم كلّ من الصّنفين
__________________