النصب وإن كان كلّ منهما متواترا بأن يؤخذ رفع آدم من غير قراءة ابن كثير ، ورفع كلمات من قراءته (١) ، فإنّ ذلك لا يصحّ ، لفساد المعنى. ونحوه : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا)(٢) بالتشديد مع الرّفع أو بالعكس (٣). وقد نقل ابن الجوزي (٤) في «النشر» عن أكثر القرّاء جواز ذلك أيضا (٥) واختار ما ذكرناه (٦).
وأمّا اتباع قراءة الواحد من العشرة في جميع السّور فغير واجب قطعا ، بل ولا مستحبّ ، فإنّ الكلّ من عند الله نزل به الرّوح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفا عن الامّة وتهوينا على أهل هذه الملّة ، وانحصار القراءات فيما ذكر أمر حادث غير معروف في الزّمن السّابق ، بل كثير من الفضلاء أنكر ذلك خوفا من التباس الأمر وتوهّم أنّ المراد بالسّبعة هي الأحرف التي ورد في النقل أنّ القرآن انزل عليها ، والأمر ليس كذلك (٧) فالواجب القراءة بما تواتر ، انتهى (٨).
قوله رحمهالله : وانحصار القراءات ... الخ متشابه المقصود ، والأظهر أنّه ابتداء تحقيق ، يعني أنّها في الصدر الأوّل لم تكن منحصرة في السّبع والعشر ، بل كانت أزيد من
__________________
(١) من قراءة ابن كثير.
(٢) آل عمران : ٣٧.
(٣) أي بتخفيف كفلها مع نصب زكريا.
(٤) والصحيح أنّه ابن الجزري.
(٥) أي جواز تركب بعض القراءات في بعض مع ترتب بعضه على بعض آخر بحسب العربيّة أيضا.
(٦) أي أنّ ابن الجزري اختار ما ذكرناه.
(٧) أي كما ذهب اليه الكثير من الفضلاء من الانكار والتوهم. راجع «النشر في القراءات العشر» ١ / ١٩.
(٨) إلى هنا ينتهي كلام الشهيد في «شرح الألفية».