أدبه ... فقهه ... شعره ...
ولم ينسوا نهج البلاغة ، الكتاب الذي خلّد الشريف على مرّ العصور ، فشهدت الأوساط العلمية والأندية الثقافية والأدبية عودة إلى الحديث عن ضرورة القيام بتحقيق كتاب نهج البلاغة وتقويم نصّه وتصحيحه على أقدم مخطوطاته الموثوقة ، المعتمد عليها ـ وما أكثرها ـ وطبعه طبعة فنّية محققة ، تتلاءم وقدسيّته عند الشيعة ، ومكانته المرموقة في المكتبة العربية الإسلامية ، ومستواه الرفيع في النصوص الأدبية.
والشيعة ـ في هذا العصر ـ لابدّ أن يعترفوا بتقصيرهم تجاه هذا التراث العظيم والمجد الخالد ، فقد كان الواجب عليهم ـ قبل غيرهم ـ أن يتولّوا تحقيقه وإخراجه ـ كما يليق بشأنه ـ قبل يومنا هذا بعهد طويل.
ومن المؤسف حقّاً ، أنّ كتاباً بهذه الأهميّة لم يطبع إلى الآن ـ رغم كثرة طبعاته ـ طبعة محقّقة تعتمد على مناهج تحقيق النصّ واُسسه ، من عرضه على مخطوطاته الأصلية ... وغير ذلك.
والغريب العجيب أنّ محقّقاً كمحمّد محيي الدين عبدالحميد ، على الرغم من مكانته العلمية وكونه في حاضرة كالقاهرة من حواضر التراث العربي الإسلامي المهمّة ، يعتمد في تحقيق كتاب نهج البلاغة ـ الذي له عشرات المخطوطات القديمة النفيسة ـ (١) على ثماني طبعات سابقة ، ذكرها في المقدّمة ، وذكر نسخة واحدة خطية من شرح البحراني ، ولكنها لم تبق عنده إلى نهاية المعارضة !!
وطبعات «نهج البلاغة» المصرية والبيروتية ، وإن كانت أجمل منظراً من الطبعات الإيرانية الحجرية ، إلّا انها لا يعتمد شيء منها على نسخ مخطوطة معتبرة ، ولذلك لا تجد نسخة مطبوعة خالية من التصحيف والتحريف والسقط والإسقاط والتلاعب ، لأن الأيدي التي تولّت نشر نهج البلاغة أيدٍ غير مأمونة على مثله.
ونذكر هنا نماذج من التصحيف والتحريف والسقط والزيادة التي مني بها النهج : (٢)
________________________________
(١) اُنظر : «المتبقّي من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن» ، السيد عبدالعزيز الطباطبائي ، المنشور في هذا العدد من النشرة.
(٢) اُنظر : «تصحيح نهج البلاغة» ـ بالفارسية ـ ، السيد
جواد مصطفوي ، مجلّة مشكاة ، العدد الرابع ، سنة