وهذه بعض النماذج التي لابدّ من ملاحظتها في هذا المجال :
١ ـ «ليس له شعر في الهجاء يشبه هجاء الشعراء الذين كانوا يهجون بقبيح القول ، والألفاظ الفاحشة ، فالشريف إن وجد في شعره مايشبه الهجاء فهو بألفاظ نقيّة إلى آخره».
٢ ـ «ولم يكن يخرج من فم هذا الرجل النبيل حقيقة كلمة واحدة من الكلمات القبيحة التي يتلفّظ بها العامة ، التي نجد مثلها عند ابراهيم الصابي صاحب ديوان الرسائل ، وعند الوزير المهلبي ، وعند الوزير ابن عباد.
وإذا كان غيره من الشعراء قد استباحوا لأنفسهم في الذم كل قبيح ، فإننا لا نجد للشريف الرضي في باب الهجاء أقوى من ذمّه لمغن بارد قبيح الوجه :
تغفي بمنظره العيون إذا بدا |
|
وتقيء عند غنائه الأسماع |
أشهى إلينا من غنائك مسمعاً |
|
زجل الضراغم بينهن قراع (١٨) |
ونحن نلاحظ هنا كذلك أنه حتى في هذا المورد قد نزع الى التغني بما تهفو اليه نفسه ، ويشدّه إليه طموحه ووجده ، ألا وهو معالي الاُمور وعظائمها ، التي لا تنال إلّا بركوب الأهوال ، ومقارعة الرجال الأبطال ، كما صرح به في البيت الثاني آنف الذكر.
وفيما يرتبط بغزل الشريف نجدهم يقولون :
«لم يزل زلة واحدة ، ولم ينحرف به الطريق عن العفة ، والشرف ، والخلق الرفيع في هذا الباب» (١٩).
ويقولون : «... والذي نقرؤه من مجموعتي أخلاقه وشعره ترفّعه عن نوع من الغزل ، يستعمله الخلعاء ، أو ما يشبه العبث والمجون ، وهذا النوع قد لا تطاوعه شاعريته عليه لو أراده ، وهو الذي يخلّ بمقامه وشرفه» (٢٠)
واما فيما يرتبط بوصفه للخمرة ، ومجالس الغناء ، ونحو ذلك ، فيرى المحققون أنه «إذا تحقّقنا أن الشريف لم يشرب ، ولم يسمع ، ولم يجالس أرباب اللّهو والمهازل ، ولم يتخذ
________________________________
(١٨) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ، ١ : ٥٠٦ ، ط بيروت سنة ١٣٨٧ هـ.
(١٩) أعيان الشيعة ٦ : ٢٢٣.
(٢٠) حقائق التأويل ، مقدمة الشيخ عبدالحسين الحلّي : ١٠٦.