إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تراثنا ـ العدد [ ٥ ]

251/304
*

أقتدي بك أبداً ، قال : وكيف ذلك ؟ ، قال : لأني وجدتك حائضاً في صلاتك ، خائضاً في دماء النساء ، فصدقه المرتضى وأنصف والتفت الى أنه أرسل ذهنه في أثناء تلك الصلاة الى التفكر في مسألة من مسائل الحيض.

وربّما يُحكى أن الرضيّ بمجرد أن انكشف له الحالة المزبورة إنصرف من صلاته وأخذ في الويل والعويل ، وأظهر الفزع الطويل في تمام السبيل الى أن بلغ المنزل بهذه الحالة ، فلمّا فرغ المرتضى أتى المنزل من فوره وشكا ما صنعه به الى اُمه ، فعاتبته على ذلك فاعتذر عندها بما ذكر ، وأنه كان يتفكّر إذ ذاك في مسألة من الحيض ، سألتها عنه بعض النسوة في اثناء مجيئه الى الصلاة (٧).

تساؤلات حول القصة

وهذه القصة تحيط بها إبهامات عديدة وتساؤلات عويصة نشير اليها :

أولاً : هل الفكرة الشرعيّة الصحيحة إذا راودت ذهن الإنسان في اوقات الصلاة أو غيرها توجب تمثل الإنسان بنفس تلك الفكرة عند أرباب البصائر وذوي العيون البرزخية ، الذين يستطيعون مشاهدة ماوراء الحجب والستور ببصائرهم ؟

فلو غاص الإنسان في أحكام السرقة اُوحدّ الزنا والقذف ، فهل يوجب ذلك أن يتمثل المفكّر فيها عند من يعاين الأشياء بأبصار حديدة ، سارقاً وزانياً وقاذفاً !؟ لا أظنّ أن يتفوّه بهذا أيّ حكيم نابه أو عارف بصير ، بل لازم تلك البصيرة أن يُعاين صاحبها الاشياء على ماهي عليه فيرى مثلاً الرضيّ صاحب تلك البصيرة أخاه الفقيه علىٰ الحالة التي هو عليها ، أي متفكّراً ومتعمقاً في مسألة فقهية منشغلاً بها لا خائضا في الدماء.

ثانياً : إن القصة تكذب نفسها ، فإن لازم رجوع النساء الى المرتضى في المسائل المختصة بالنساء ، هو كون المسؤول من ذوي الشخصيات الضاربة في الأربعين عاماً أو

________________________________

(٧) روضات الجنات ٦ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، نقلا عن صاحب حدائق المقربين