هذا كما وأنني دعيت إلى قرية بيت دجن فشاهدت من أهلها ما يشرح الصدور ويزيد الحبور ، وقد نزلنا في بيت أبي الحسن السيد كامل أفندي الدجني فلا تسل عمّا لقيت من الحفاوة حيث قلدت عقود المنن حفظهم تعالى من الآفات ، ثم رجعت إلى القدس الشريف لتوديع الأقارب والأحباب وقانا الله وإياهم من عذاب الدنيا والآخرة ، وجعلنا الله جميعا من أهل الجنة مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، إنه خير مسؤول وحري بالقبول.
الفصل الثالث
في سبب العزم على الذهاب إلى الحجاز
وقد كنت في يوم من الأيام أتلو كتاب الله المنزل ، على حبيبه المرسل ، حتى وصلت إلى قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١) فارتعدت فرائصي من هذا التهديد ، حيث عبر الباري تعالى وتقدس بكفر من استطاع الحج ولم يحج ، وإن قال المفسرون : المقصود ومن كفر بفرضيته أو مشروعيته لا من تركه معتقدا لذلك فيكون فاسقا لا كافرا ، كما ورد كفر دون كفر ، فبادرت حيث قدرت على الزاد والراحلة بالامتثال خوفا من غضب ذي الجلال المنعم المنتقم (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا
__________________
(٢٢) سورة آل عمران ، الآية ٩٧.