أن الإله لا بد وأن يكون غنيا عن العالم بأسره كيف لا وهو الذي يطعم ولا يطعم والعالم بأسره فقير ومحتاج إليه ، إذ لو احتاج إلى غيره لكان عاجزا فلا يقدر على إغاثة نفسه فضلا عن إغاثة غيره ، بل لا يصلح أن يكون ملكا من ملوك الدنيا فكيف يصلح أن يكون إلها بيده الخلق والأمر يتصرف في الأملاك والملوك كيف يشاء و (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)(١) ، (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً* لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً)(٢) فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
الفصل العاشر
في جعل السفينة مدرسة تدرس فيها العلوم الشرعية
ولما شعر الحجاج بوجودي في السفينة كلفوا رفيقي السيد فائق الأنصاري أن يبلغني رغبتهم في تعليمهم مناسك الحج وإلقاء الدروس الشرعية فأجبتهم لسؤلهم امتثالا لقوله تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) وخوفا من أن يصدق على هذا العاجز الحديث الشريف «كاتم العلم ملعون». ثم أنهم هيؤوا مكانا لإلقاء الدروس فيه ، وعيّنوا وقتا لذلك. فحضرت إلى
__________________
(٤٢) سورة الأنبياء ، الآية ٢٢.
(٤٣) سورة مريم ، الآيات ٩٣ ـ ٩٥.