والمقام هنا
يفرض أن يكون المستفهم في موقع اجتماعي أو إداري أو سياسي عال قياسا الى موضع
المخاطب ، وأن يتوفر في ذاكرتيهما المشتركة جملة من الأحداث أو الرّغبات التي يمكن
طلب تحقيقها من طريق الاستفهام. مثال ذلك قول الرئيس لمرؤوسه المتقاعس : ألا تصرّف
أعمال الناس؟ ألا تخاف العواقب؟
ومنه قوله
تعالى (فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنْتَهُونَ) المائدة : ٩١ أي انتهوا.
ب. النهي :
هو كالأمر طلب
لكنّه طلب سلبي والأمر طلب إيجابي ، إذ الأمر يطلب إنجاز أمر ، والنهي يطلب عدم
إنجاز شيء ما. مثاله قوله تعالى (أَتَخْشَوْنَهُمْ
فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) التوبة : ١٣. فكأن الآية تقول : لا تخشوهم واخشوا الله
لأنه أحق منهم بخشيتكم إن كنتم مؤمنين به وبتعاليمه.
ج. النّفي :
كقوله تعالى (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا
الْإِحْسانُ) الرحمن : ٦٠. ظاهر التركيب استفهام لكنّ الآية ترمي الى
النفي وكأن الآية تقصد الى القول : ما جزاء الإحسان إلّا الإحسان. وفيه يرمي
المستفهم الى النفي ، واذا عوّض الاستفهام بنفي ، استقام كلامه. وقد ينتج عن
الاستفهام مجرّد النفي أو الاثبات كما في قولهم : هل ينفع الندم بعد فوات الأوان؟
والمعنى : لا
ينفع النّدم بعد فوات الاوان لكنّ إجراء (هل) مكان (لا) زاد في توكيد النفي. ومنه
قول الشاعر (الطويل) :
هل الدّهر
إلّا غمرة وانجلاؤها
|
|
وشيكا وإلّا
ضيقة وانفراجها؟
|