وجاء في تعريف آخر (١) «إنّه مجاز لغوي يرتبط فيه المعنى الحقيقي بالمعنى المجازي بعلاقة غير المشابهة ، وسمّي بالمرسل ، لأنّه غير مقيّد بعلاقة المشابهة ، إذ إنّ الإرسال في اللغة الاطلاق ، والمجاز الاستعاري مقيّد بادّعاء أن المشبّه من جنس المشبّه به والمجاز المرسل مطلق على هذا القيد.
وقيل : إنما سمّي مرسلا لأنه لم يقيّد بعلاقة مخصوصة بل ردّد بين علاقات كثيرة».
لشرح تعريف القزويني شرحا عصريا من خلال المثال الذي جاء في التعريف وهو اليد إذا استعملت في النعمة ، قيل : جلّت يده عندي ، وكثرت أياديه لديّ. لم يجىء في المثل كثرت نعمه لدي بل حلّ لفظ أياديه محلّ نعمه. والذي سهّل على القائل قوله هذا وجود علاقة منطقيّة بين المعنيين. فالشاعر اختزل المسافة القائمة بين اليد والنعمة. فاليد الجارحة هي التي تحدث الإحسان. فالمحسن صاحب النعم يهب النعم بوساطة يده فيحدث الجميل أو الإحسان لهذا ترسّخت العلاقة بين اليد والإنعام ، وبالتكرار والتلازم ازدادت العلاقة بين اليد والنعمة وغاب الأعيان (المحسن والمحسن اليه ونوع العطاء). فاليد آلة العطاء والمال سبب في النعمة إذ اليد سبب في النعمة. فاختزلت مرحلة من مراحل تطوّر المعنى ، وبذلك تحوّلت اليد من معنى الجارحة الى معنى النعمة. والذي سهّل عمليّة التحوّل هذه العلاقة السببية بين المعنيين.
لهذا قال أحدهم (٢) «ففي المجاز المرسل يعبر اللفظ من مدلوله الأصلي الى مدلوله المجازي عن طريق صلة تجمع بينهما يبصرها الذهن فيهتدي بها الى تحليل الخطاب التحليل المقبول».
__________________
(١). المجاز المرسل والكناية ، يوسف أبو العدوس ، ص ١٥.
(٢). دروس في البلاغة العربية ، الأزهر الزّنّاد ، ص ٥٤.