يعطيه كل يوم مائة ألف درهم ، فإن أداها وإلّا عذبه إلى الليل ، قال : فجمع يوما مائة ألف درهم ليشتري بها عذابه في يومه ، فدخل عليه الأخطل الشاعر (١) فقال (٢) :
أبا خالد بادلت خراسان بعدكم |
|
وصاح ذوو الحاجات أين يزيد |
فلا مطر المروان (٣) بعدك مطرة |
|
ولا اخضرّ (٤) بالمروين بعدك عود |
فما لسرير الملك بعدك بهجة |
|
ولا لجواد بعد جودك جود |
وقال المدائني :
وكان سعيد بن عمرو بن العاص مؤاخيا ليزيد بن المهلب ، فلما حبس عمر بن عبد العزيز يزيد منع الناس من الدخول إليه ، فأتاه سعيد فقال : يا أمير المؤمنين ، لي على يزيد خمسون ألف درهم ، وقد حلت بيني وبينه ، فإن رأيت أن تأذن لي فأقتضيه ، فأذن له ، فدخل عليه ، فسرّ به يزيد وقال : كيف دخلت إليّ؟ فأخبره سعيد فقال : والله لا تخرج إلّا وهي معك ، فامتنع سعيد ، فحلف يزيد ليقبضنها ، فوجه إلى منزله ، حتى حمل إلى سعيد خمسون ألف درهم.
وفي ذلك قال بعضهم :
فلم أر محبوسا من الناس ماجدا |
|
حبا زائرا في السجن غير يزيد |
سعيد بن عمرو إذ أتاه أجازه |
|
بخمسين ألفا عجلت لسعيد] |
[قيل له : ألا تنشئ لك دارا؟ قال : لا. إن كنت متوليا فدار الإمارة ، وإن كنت معزولا فالسجن](٥).
[ومن كلام يزيد :
__________________
(١) كذا في وفيات الأعيان نقلا عن ابن عساكر وعقب ابن خلكان على الخبر بقوله : المشهور أن صاحب هذه الواقعة والأبيات هو الفرزدق ثم إني رأيت هذه الأبيات في ديوان زياد الأعجم. والله أعلم بالصواب.
(٢) البيتان الأول والثاني في ديوان الفرزدق ١ / ١٣٧.
(٣) المروان تثنية مرو ، إحداهما مرو الشاهجان وهي العظمى والأخرى مرو الروذ وهي الصغرى ، وكلتاهما مدينتان مشهورتان بخراسان. انظر معجم البلدان.
(٤) في ديوان الفرزدق : قطرة ولا ابتلّ.
(٥) الخبر السابق استدرك عن سير الأعلام ٤ / ٥٠٥.