همدان المختلفة ، مساعدة لإخوانهم الذين كان أكثرهم من همدان ، وكانوا تحت الحصار. لكنها تمنع أيضا الاتصال بالطريق الرابطة بين النخلة ودمشق ـ التي تراقبها الكناسة كذلك لأن موقعها كان يقع خارج المركز ، وهي تشرف على الغرب والجنوب وتقع بينهما. وانطلاقا من خطة همدان ، يمكن فضلا عن ذلك اللحاق بالنهر (١) واللحاق عموما بالمنطقة الريفية في الشمال ، منطقة البهقباذ الأوسط (٢). لا مراء في أن مثل هذا الوضع العاجل يعني تعطيل الصلة بالخارج وإيقاف المبادلات مع نقط العمران المجاورة فقط ، أي القادسية والحيرة وممتلكات الأشراف في محيط المدينة ، وقرى الأنباط ومختلف البوادي التي يقيم بها بدو المناطق المجاورة (٣) والسواد أيضا الذي كانت علاقته بالكوفة رخوة في ذلك الوقت ، إذ كان يرتبط بها عبر الجسر لا غير.
ـ يبقى الحديث عما اكتنف جبانة الصائديين من غموض ، وكانت من أقدم جبانات الكوفة ، وقد جزم البلاذري بأنها كانت ملكا لهمدان (٤). الواقع أن بني الصائد شكلوا بهمدان عشيرة معروفة (٥) ، فلم هذا الاشتباه بجبانة السبيع في هذا المقام كما في استراتيجية التطويق؟ ليس هناك ما يوضح هذا الأمر في تاريخ الطبري (٦) ، فقد احتل عبيد الله هذه الجبانة ، فورد عليه أمر بالتقدم إلى القصر والوقوف قريبا من دار بلال (٧) ، (والمرجح أنها كانت لابن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري). ذلك أنّ أحفاد أبي موسى أقطعوا نصف الآري في قلب المركز في جهته الجنوبية الشرقية (٨). وكان رأي ماسينيون أن جبانة الصائديين كانت تقع إلى الجنوب الشرقي ، غير بعيدة عن جبانة سالم (٩) ، اعتمادا لتنوع الروايات الخاصة بالثورات ، وما تضمنت من منطق داخلي. ويبدو أن مسيرة جيش عبيد الله بن الحر أكدت هذا الأمر. لكن ما سبب وجود عشيرة من عشائر همدان بهذا المكان؟ وهل يجب إسناد هذه الجبانة إلى عشيرة من أسد هي بنو الصيداء (١٠) ، مما يفسر في
__________________
(١) الطبري ، ج ٦ ، ص ٤٨.
(٢) صالح العلي ، «منطقة الكوفة» ، مقال مذكور ، ص ٢٣٧ ـ ٢٤١.
(٣) صالح العلي ، «منطقة الحيرة» ، مقال مذكور ، انظر الخارطة.
(٤) أنساب الأشراف ، ج ٥ ، ص ٢٦٠.
(٥) كتاب الاشتقاق ، ص ٤٢٩ ؛ الجمهرة ، ص ٣٩٥.
(٦) الطبري ، ج ٦ ، ص ١٠٥.
(٧) الطبري ، ج ٦ ، ص ١٠٥.
(٨) كتاب البلدان ، ص ٣١٠.
(٩) ,op.cit., انظر الخارطة.
(١٠) كتاب الاشتقاق ، ص ١٨٠.