الزجاجي كلامنا في النحو لاستحيا أن يتكلم فيه (١)». وما أظن هذا القول ـ إن صح صدوره عن الفارسي ـ إلا مجافيا للعدل والصواب ، فكتب الزجاجي شاهدة بعلمه ، والعلماء مقرون بفضله حتى أن ابن الأنباري عدّه في طبقة الفارسي نفسه ، اللهم إلا أن تكون لقولة الفارسي أسباب أو دوافع نفسية من عداوة الصنعة والحط من قيمة المتقدمين فيها حرصا على مكان الصدارة. وليس هذا بغريب عن الفارسي ، فقد قال مثل هذا القول في عالم فاضل هو أبو الحسن الرماني ، فزعم أنه إن كان النحو ما عند الرماني فليس عنده منه شيء ، وإن كان النحو ما عنده فليس عند الرماني منه شيء!. أضف إلى ذلك حب الفارسي لسيبويه وتعصبه له وسخطه على مخالفيه ، والزجاجي لم يكن يقبل كل آراء سيبويه ، بل خالفه في بعضها ، وقال في بعض المسائل بغير رأيه (٢).
وأما مذهب الزجّاجي في النحو فهو مذهب تلك الطبقة من العلماء الذين جاءوا في أعقاب ثعلب والمبرد وجمعتهم حلقات العلم في مساجد بغداد وقصورها ، ففترت لديهم حدة التعصب ، وبسطوا المذهبين وأخذوا من كل بطرف ، مع تفاوت في مقدار ما يأخذون.
وقد أخذ الزجاجي عن أساتذة بصريين وأساتذة كوفيين ، وأخذ
__________________
(١) إنباه الرواة ٢ : ١٦٠ ونزهة الألباء : ٣٧٩.
(٢) انظر مثلا باب الصفة المشبهة في كتاب الجمل.