يا ورقة أنا على دين إبراهيم ، وأنا ساجد نحو هذه البنية التي بني إبراهيم ، فسجد نحو الكعبة في الجاهلية ، ثم توفي زيد وبقي ورقة بن نوفل بعد ، فقال ورقة في الشعر وهو يبكي على زيد وهو خليل الله (١) :
أنعمت يا زيد بن عمرو وإنما (٢) |
|
تجنّبت تنورا من النار حاميا |
دعاؤك ربا ليس ربّ كمثله |
|
وتركك (٣) دار الحياة كما هيا |
فعمدت خديجة إلى ورقة حين رجعت من عند عداس ، فأخبرته ببعث (٤) رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبقول عداس (٥) ، فقال لها ورقة : والله يا ابنة أخي ، والله ما أدري لعل صاحبك هو الرسول الذي ينتظر أهل الكتاب الذي يجدونه مكتوبا عندهم ، وأقسم بالله لئن كان هو ثم أظهر دعاؤه وأنا حي لأبلين الله من نفسي في طاعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحسن مؤازرته ، فمات ورقة على نصرانيته.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٦) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد بن جالينوس.
قالا : حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار (٧) ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق بن يسار قال (٨) : وقد كانت خديجة بنت خويلد قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد وكان ابن عمّها ، وكان نصرانيا قد تبع الكتب ، وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان رأي ـ وفي رواية رضوان : يرى ـ منه إذ كان الملكان يظلانه ، فقال ورقة : لئن كان هذا حقا يا خديجة ، إنّ محمّدا لنبي هذه الأمة ، قد عرفت أنه لكائن ـ وفي رواية ابن يعقوب : كائن ـ لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه أو كما قال ، فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول : حتى
__________________
(١) البيتان ـ من أربعة ـ في دلائل النبوة للبيهقي ٢ / ١٤٤.
(٢) في دلائل النبوة : رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما.
(٣) في دلائل النبوة : بدينك ربا .... وتركك جنان الجبال كما هيا.
(٤) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، وم : بنعت.
(٥) الأصل وم و «ز» : «وتقول يا عداس»! والمثبت عن المختصر.
(٦) رواه البيهقي في دلائل النبوة ٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٧) بالأصل : أحمد بن جالينوس عبد الجبار.
(٨) الخبر في سيرة ابن هشام ١ / ٢٠٣.