هذا للزهري أمن سوء رأي في الزهري؟ فقال : ولا نعلم ذلك ، نعم ، كان الوليد فيه وفيه ، فكان الزهري يقول لعمر (١) بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين اخلع الوليد ، فإن من الوفاء بعهد الله خلعك إيّاه ، فقال له : أخشى أن الأجناد يأبون ذلك ، فقال الزهري : فوجهني حتى أسير في الأجناد (٢) جندا جندا فأخلعه ، فأبى عليه ، قال : فأرسل الوليد إلى ماله ببدا (٣) وشغب (٤) ، فعقر أشجاره ، وخاصمه الزهري إلى عمر (٥) بن عبد العزيز (٦) ، وكان مال الزهري اشتراه من قوم كان النبي صلىاللهعليهوسلم أقطع لهم ، فأخرج كتابه وخاصم الوليد ، فقال عمر للزهري : فإنه لا يحكم عليه إلّا أنت ، فاحكم عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، تغرس لي مكان كلّ نخلة قطعها وشجرة نخلة ونخلة وشجرة ، ويعمرها حتى يبلغ ذلك مبلغ ما قطع لي ، ويغرم لي مثل ما كنت أستعمل منها ، فأجاز حكمه عليه وألزمه ذلك ، فكان الوليد يقول للزهري : إن أمكن الله معك يوما فستعلم ، فكان الزهري يقول : إن الله أعدل من أن يسلّط علي سفيها.
قال ابن بكير : وأنكر ربيعة وأبو الزناد ذلك وقالا : ما كان وجه الحكم ما حكم به أبو بكر الزهري ، فبلغ ذلك الزهري ، قال ابن بكير : قال الليث : فقال الزهري : ذينك الفلجين (٧) أفسدا ذلك الحرة ـ يعني : المدينة ـ كأنه قال من قبل الرأي ، وأغرم الوليد ابني هشام مالا عظيما وعذّبهما حتى ماتا في عذابه ، وزاد أهل المدينة في أعطياتهم عشرة دنانير لكلّ إنسان ، وأمر بهدم دار هشام.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أخبرنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزّبير بن بكّار قال (٨) : فحدّثني محمّد بن الضحّاك بن عثمان الحزامي ، عن أبيه قال : أراد هشام بن عبد
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» : «عمر بن عبد العزيز» ولعله خطأ ، فقد كان الوليد ولي عهد هشام بن عبد الملك ، بعهد من أبيه يزيد بن عبد الملك ، ولعل الصواب أن يكون : لهشام بن عبد الملك.
(٢) هنا بياض في «ز» ، بمقدار صفحة ونصف ، وسنشير إلى نهايته في موضع ، والكلام متصل في م ، وكتب على هامش «ز» : خرمة بالأصل.
(٣) بدا : واد قرب أيلة من ساحل البحر وقيل : بوادي القرى (معجم البلدان).
(٤) شغب : ضيعة خلف وادي القرى (معجم البلدان).
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» : عمر بن عبد العزيز ، انظر ما مرّ قريبا.
(٦) أقحم بعدها بالأصل وم : وكان مال الزهري إلى عمر بن عبد العزيز.
(٧) كذا بالأصل وم : ذينك العلجين ، والوجه : ذانك العلجان.
(٨) الخبر والشعر في الأغاني ٧ / ٨.