فقدم السائب بهما فاشتراهما عمرو بن حريث بعطاء الذرية والمقاتلة. وقال بعضهم : اشتراهما بأعطية أهل المصرين ، فباع أحدهما من أهل الحيرة بما أخذهما به ، واستفضل الآخر. وقال بعضهم : استفضل مائة ألف دينار ، فكان أول مال اعتقده.
قال : وكان النخيرجان تحصن فى قلعة من قلاع نهاوند ومعه مائة امرأة من نساء الأساورة ومعه حلية كثيرة من كنز كسرى ، فصالحه حذيفة على ما كان معه ، وافتتح حذيفة رساتيق مما يلى أصبهان.
وكان أهل نهاوند قد حفروا خندقا وهالوا فيه ترابا متحولا ، فلما انهزموا جعلوا يسقطون فى ذلك الخندق ويغرقون فى ذلك التراب.
وكان يقال لفتح نهاوند : فتح الفتوح.
وذكر المدائنى أيضا ، عن موسى بن عبيدة ، عن أخيه ، قال : قدمت البصرة فرأيت بها شيخا أصم ، فقلت : ما أصابك؟ قال : أنا من أهل نهاوند ، فنزل المسلمون ، يعنى عند ما نزلوا عليها ، فكبروا تكبيرة ذهب سمعى منها.
وذكر الطبرى (١) فيما ذكره من الأخبار المختلفة فى هذه الوقعة ، عن سيف ، عن أبى بكر الهذلى نحوا من هذا الحديث ، وزاد فيه أشياء وخالفه فى أماكن منه ، منها أن النعمان بن مقرن عند ما أمّره عمر ، رضياللهعنه ، على هذه الحرب فى هذا الوجه كان يومئذ بالبصرة ومعه قواد من قواد أهل الكوفة قد أمدّ بهم عمر ، رحمهالله ، أهل البصرة عند انتقاض الهرمزان ، فافتتحوا رامهرمز وايذج ، وأعانوهم على تستر وجندى سابور والسوس ، فكتب إليه عمر : إنى قد وليتك حربهم ، يعنى الأعاجم الذين اجتمعوا بنهاوند ، فسر من وجهك هذا حتى تأتى ماه ، فإنى قد كتبت إلى أهل الكوفة أن يوافوك بها ، فإذا اجتمع إليك جندك فسر إلى الفيرزان ومن تجمع إليه من الأعاجم من أهل فارس وغيرهم ، واستنصر الله ، وأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإن حدث بك حدث فعلى الناس نعيم بن مقرن.
وفى حديثه : أنه لما استحث أهل الكوفة كان أسرعهم إلى ذلك الوجه الروادف ليبلو فى الدين وليدركوا حظا ، وأن حذيفة بن اليمان خرج بأهل الكوفة أميرا عليهم بأمر عمر حتى ينتهى إلى النعمان ، وخرج معه نعيم بن مقرن حتى قدموا على النعمان بالطرز ، وجعلوا بمرج القلعة خيلا عليها النسيسر ، وكتب عمر ، رحمهالله ، إلى سلمى بن القين
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٢٦).