بالجوهر ، وإذا فى الآخر ناقة من فضة عليها شليل من ذهب ، وبطان من ذهب وزمام من ذهب ، وكل ذلك منظوم بالياقوت ، وإذا عليها رجل من ذهب مكلل بالجوهر ، كان كسرى يضعهما إلى أسطوانتى التاج.
وعن أبى عبيدة العنبرى (١) قال : لما هبط المسلمون بالمدائن ، وجمعوا الأقباض ، أقبل رجل بحق فدفعه إلى صاحب الأقباض ، فقال هو والذين معه ، لما نظروا إلى ما فيه : ما رأينا مثل هذا قط ، ثم قالوا له : هل أخذت منه شيئا؟ فقال : لا والله لا أخبركم لتحمدونى ، ولا غيركم ليقرظونى ، ولكنى أحمد لله وأرضى بثوابه. فأتبعوه رجلا حتى أتى إلى أصحابه ، فسأل عنه ، فإذا هو عامر بن عبد قيس.
ويروى أن سعدا ، رحمهالله ، قال حين رأى ما رأى من ورع الناس وكونهم لم يتعلق على أحد منهم بغلول فيما جمعوا من الغنائم : والله إن هذا الجيش لأهل أمانة ، ولو لا ما سبق لأهل بدر ما فضلتهم عليهم ، ولقد نالت الدنيا من رجال من أهل بدر حين أصابوها.
وقال جابر بن عبد الله : والله الذي لا إله إلا هو ، ما اطلعنا على أحد من أهل القادسية يريد الدنيا مع الآخرة.
قال بعضهم : ولقد كانوا يخافون قيس بن مكشوح ، وعمرو بن معدى كرب ، وطليحة بن خويلد ، وأشباههم على الغلول ، فما تعلق على أحد منه بشيء يكرهونه ولا أرادوا الدنيا.
ولما قدم على عمر ، رحمهالله ، بسيف كسرى ومنطقته وزبرجه ، قال : إن أقواما أدوا هذا لذووا أمانة. فقال على ، رضياللهعنه : إنك عففت فعفت الرعية.
قالوا : ولما اجتمعت الغنائم ، وتراجع الطلب قسم سعد بين الناس فيئهم بعد ما خمسه ، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفا ، وكلهم كان فارسا ليس فيهم راجل ، وكانت الجنائب فى المدائن كثيرة ، ويقال : كانوا بين أهل الأيام وأهل القادسية الذين لم يشهدوا الأيام ، وبين من لحق بهم فى ثلاث من غير أهل الأيام بالقادسية ، وبين أهل الروادف ستين ألفا ، وقسم سعد دور المدائن بين الناس ، وأوطنوها ، وكان الذي ولى القبض عمرو بن عمرو المزنى ، والذي ولى القسم سلمان بن ربيعة.
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٩).